أول اجتماع الخوارج بها وهم الذين خرجوا على عليّ ﵁ لما حكم أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص وأنكروا على علي في ذلك وقالوا: شككت في أمر الله وحكمت عدوّك وطالت خصومتهم، ثم أصبحوا يومًا وقد خرجوا وهم ثمانية آلاف وأميرهم ابن الكواء عبد الله، فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس فناظرهم فرجع منهم ألفان وبقيت ستة آلاف، فخرج إليهم علي فقاتلهم، قوله: حجة بالنصب، وللأصيلي: حجة بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: عامة حجة الحرورية بالجر على الإضافة، وله عن الكشميهني: عام حج الحرورية بالتذكير
والجر. (في عهد ابن الزبير) عبد الله (﵄) واستشكل هذا لأنه مغاير لقوله في باب: طواف القارن من رواية الليث عن نافع عام نزل الحجاج بابن الزبير، لأن نزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاث وسبعين وذلك في آخر أيام ابن الزبير، وحجة الحرورية كما سبق قريبًا في سنة أربع وستين وذلك قبل أن يتسمى ابن الزبير بالخلافة.
وأجيب: باحتمال أن الراوي أطلق على الحجاج وأتباعه حرورية بجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحق أو باحتمال تعدد القصة قاله صاحب الفتح وغيره.
(فقيل له) سبق في باب: من اشترى الهدي من الطريق أن القائل ابنه عبد الله، ويأتي إن شاء الله تعالى في باب: إذا أحصر المتمتع أن عبيد الله سالمًا ولديه كلماه في ذلك فقالوا: (إن الناس كائن بينهم قتال) يشير إلى الجيش الذي أرسله عبد الملك بن مروان وأمر عليه الحجاج لقتال ابن الزبير ومن معه بمكة، (ونخاف أن يصدوك) عن الحج بسبب ما يقع بينهم من القتال (فقال): ابن عمر: (﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) بضم الهمزة وكسرها (إذا) أي حينئذ (أصنع) في حجي (كما صنع) النبي ﷺ من التحلل حين حصر في الحديبية والابتداء بالعمرة كما أهلّ بها ﷺ حين صدّ عام الحديبية أيضًا. وقوله: أصنع نصب بإذا (أشهدكم أني أوجبت عمرة حتى كان) ولأبوي ذر والوقت: حتى إذا كان (بظاهر البيداء) الشرف الذي قدام ذي الحليفة إلى جهة مكة (قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد) في حكم الحصر، وإذا كان التحلل للحصر جائزًا في العمرة
مع أنها غير محدودة بوقت ففي الحج أجوز. (أشهدكم أني جمعت) ولأبي ذر: قد جمعت (حجة) ولأبوي ذر والوقت عن الحموي والمستملي: جمعت الحج (مع عمرة) ولم يكتف بالنية في إدخال الحج على العمرة بل أراد إعلام من يقتدي به أنه انتقل نظره إلى القران لاستوائهما فى حكم الحصر وفيه العمل بالقياس، (وأهدى هديًا مقلدًّا اشتراه) من قديد كما صرح به فيما سبق، وهذا موضع الترجمة كما لا يخفى ولم يزل مسوقًا معه (حتى قدم) أي إلى أن قدم مكة، ولأبوي ذر والوقت: حين قدم (فطاف بالبيت) للقدوم (وبالصفا) أي وبالمروة وحذفه للعلم به (ولم يزد على ذلك ولم يحلل من شيء حرم منه حتى يوم النحر) بجر يوم بحتى أي إلى يوم النحر (فحلق) شعر رأسه (ونحر) هديه (ورأى أن قد قضى) أي أدّى (طوافه) الذي طافه بعد الوقوف بعرفات للإفاضة (الحج) بالنصب، ولأبي الوقت: للحج بلام الجر فالرواية الأولى على نزع الخافض (والعمرة) نصب عطفًا على المنصوب السابق وعلى رواية أبي الوقت جر عطفًا على المجرور (بطوافه الأول) مراده بالأول الواحد.
قال البرماوي: لأن أول لا يحتاج أن يكون بعده شيء فلو قال: أول عبد يدخل فهو حرّ فلم يدخل إلا واحد عتق، والمراد أنه لم يجعل للقران طوافين بل اكتفى بواحد وهو مذهب الشافعي وغيره خلافًا للحنفية كما مرّ.
وقال ابن بطال: المراد بالطواف الأول الطواف بين الصفا والمروة، وأما الطواف بالبيت وهو طواف الإفاضة فهو ركن فلا يكتفى عنه بطواف القدوم في القران ولا في الإفراد وهذا قد سبق ذكره لك في باب: طواف القارن وإنما أعدناه لبعد العهد به.
(ثم قال): أي ابن عمر (كذلك) ولأبي ذر عن المستملي: هكذا (صنع النبي ﷺ).