للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه إلى اليمن فسأل عن أشربة تصنع بها فقال: ما هي؟ قال: البتع والمزر (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(كل شراب أسكر فهو حرام) ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه، وعند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان عن جابر قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". وفي ذلك جواز القياس باطّراد العلة وعلى هذا فيحرم جميع الأنبذة المسكرة، وبذلك قال الشافعية والمالكية والحنابلة والجمهور، وقال أبو المظفر السمعاني: وقياس النبيذ على الخمر بعلة الإسكار والإطراب من أجلى الأقيسة وأوضحها والمفاسد التي في الخمر توجد في النبيذ، وقال الحنفية: نقيع التمر والزبيب وغيرهما من الأنبذة إذا غلى واشتدّ حرم ولا يحدّ شاربه حتى يسكر ولا يكفر مستحله، وأما الذي من ماء العنب فحرام ويكفر مستحله لثبوت حرمته بدليل قطعي ويحدّ شاربه، وقد ثبتت الأخبار عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تحريم المسكر، وقد قال عبد الله بن المبارك: لا يصح في حلّ النبيذ الذي يسكر كثيره عن الصحابة ولا عن التابعين شيء إلا عن إبراهيم النخعي ويدخل في قوله: كل مسكر حرام حشيشة الفقراء وغيرها وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة وفي معنى شرب الخمر أكله بأن كان ثخينًا أو أكله بخبز أو طبخ به لحمًا أو أكل مرقه فخرج به أكل اللحم المطبوخ به لذهاب العين منه وكذا الاحتقان به والاستعاط.

٥٥٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْبِتْعِ وَهْوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ،

وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ». وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَلَا فِي الْمُزَفَّتِ» وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ مَعَهَا الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ.

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سئل رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن البتع وهو نبيذ العسل) بالذال المعجمة ولأبي ذر عن الكشميهني وهو شراب العسل (وكان أهل اليمن يشربونه فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(كل شراب أسكر فهو حرام) وقد ورد لفظ هذا ومعناه من طرق عن أكثر من ثلاثين من الصحابة مضمونها أن المسكر لا يحل تناوله ويكفي ذلك في الرد على المخالف، وأما ما احتجوا به من حديث ابن عباس عند النسائي برجال ثقات مرفوعًا: "حرمت الخمر قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب". فاختلف في وصله وانقطاعه وفي رفعه ووقفه وعلى تقدير صحته، فقد رجح الإمام أحمد وغيره أن الرواية فيه لفظ والمسكر بلفظ الميم وسكون السين لا السكر بضم السين أو بفتحتين وعلى تقدير ثبوتها فهو حديث فرد ولفظه محقل فكيف يعارض عموم تلك الأحاديث مع صحتها وكثرتها.

(وعن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب بالإسناد السابق أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (أنس بن مالك) -رضي الله عنه- وسقط ابن مالك لأبي ذر (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت) قال الزهري (وكان أبو هريرة يلحق معهما الحنتم) بالحاء المهملة والمثناة الفوقية (والنفير) عند مسلم من طريق زاذان قال: سألت ابن عمر عن الأوعية فقلت أخبرناه بلغتكم وفسره لنا بلغتنا فقال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحنتمة وهي الجرة، وعن الدباء وهي القرعة، وعن النقير وهي أصل النخلة تنقر، وعن المزفت وهو المقير، وليس المراد أن أبا هريرة يلحق الحنتم والنقير من قبل نفسه وأنه رأي رآه بل المراد أنه يلحقهما في روايته عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو مرفوع.

٥ - باب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ

(باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب).

٥٥٨٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ. وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ،

وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا، قَالَ قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، فَشَيْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الرُّزِّ؟ قَالَ: ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ. وَقَالَ حَجَّاجُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبَ.

وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني (أحمد بن أبي رجاء) بالجيم عبد الله بن أيوب أبو الوليد الحنفي الهروي قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن أبي حيان) بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية يحيى بن سعيد (التيمي عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه (قال خطب عمر على منبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بحضرة أكابر الصحابة (فقال) في خطبته: (إنه قد نزل تحريم الخمر) في قوله في آية المائدة: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر} [المائدة: ٩٠] الآية. (وهي) أي نزل تحريم الخمر والحال أنها تصنع (من خمسة أشياء:

<<  <  ج: ص:  >  >>