للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمسكها على النكاح فقد خالف قوله ورجع عما قاله فكأنه قيل والذين يعزمون على المفارقة والتحريم ويتكلمون بذلك القول الشنيع ثمّ يمسكون عنه زمانًا أمارة على العود إلى ما كانوا عليه قبل الظهار فكفارة ذلك كذا. وقال داود وأتباعه: المراد يعودون إلى اللفظ الذي سبق منهم وهو قول الرجل ثانيًا: أنت عليّ كظهر أمي فلا تلزم الكفارة بالقول الأول وإنما تلزم بالثاني، وقال بهذا أبو العالية وبكير بن الأشج من التابعين وكذا الفراء وقد رده البخاري فقال:

(وفي العربية) تستعمل اللام في نحو قوله تعالى: (﴿لما قالوا﴾) بمعنى في (أي فيما قالوا، وفي بعض) بالموحدة المفتوحة وسكون العين المهملة ولابن عساكر وأبي ذر عن الحموي والمستملي وفي نقض بالنون والقاف والضاد المعجمة فيهما (ما قالوا) والثانية أوجه وأصح أي أنه يأتي بفعل ينقض قوله الأول وهو العزم على الإمساك المناقض للظهار قال المؤلّف: (وهذا أولى) من قول داود الأصبهاني الظاهري إن المراد من الآية ظاهرها وهو أن يقع العود بالقول بأن يعيد لفظ الظهار فلا تجب الكفارة إلا به (لأن الله تعالى لم يدل على المنكر) المحرم (وقول الزور) ولابن عساكر: وعلى قول الزور المشار إليه في الآية بقوله: ﴿وإنهم ليقولون منكرًا من القول﴾ [المجادلة: ٢] أي تنكره للحقيقة والأحكام الشرعية وزورًا كذبًا باطلًا منحرفًا عن الحق فكيف يقال إنه إذا أعاد هذا اللفظ الموصوف بما ذكر يجب عليه أن يكفر ثم تحلّ له المرأة وإنما المراد وقوع ضد ما وقع منه من المظاهرة.

وفي الظهار أحاديث في أبي داود والترمذي والنسائي لم يذكرها المؤلّف لأنها ليست على شرطه والله الموفق والمعين.

٢٤ - باب الإِشَارَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالأُمُورِ

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ : «لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا»، فَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَشَارَ النَّبِيُّ إِلَيَّ أَيْ خُذِ النِّصْفَ، وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: صَلَّى النَّبِيُّ فِي الْكُسُوفِ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا وَهِيَ تُصَلِّي، أَنْ نَعَمْ. وَقَالَ أَنَسٌ أَوْمَأَ النَّبِيُّ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ بِيَدِهِ لَا حَرَجَ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَالَ النَّبِيُّ فِي الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ: «آحَدٌ مِنْكُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا قَالُوا: لَا قَالَ: «فَكُلُوا».

(باب) حكم (الإشارة) المفهمة للأصل والعدد من الأخرس وغيره (في الطلاق و) غيره من (الأمور) الشرعية وقد ذهب الجمهور إلى أن الإشارة إذا كانت مفهمة تقوم مقام النطق فلو قال لزوجته: أنت طالق وأشار بإصبعين أو ثلاث لم يقع عدد إلا مع نيته عند قوله طالق ولا اعتبار بالإشارة هنا ولا بقوله أنت هكذا وأشار بما ذكر أو مع قوله هكذا وإن لم ينوِ عددًا فتطلق في إصبعين طلقتين وفي ثلاثًا ثلاثًا لأن ذلك صريح فيه ولا بد أن تكون الإشارة مفهمة لذلك كما نقله في الروضة عن الإمام وأقره فلو قالت له: طلقني فأشار بيده أن اذهبي وكان غير أخرس فالإشارة لغو لأن عدوله إليها عن العبارة يفهم أنه غير قاصد للطلاق وإن قصده بها فهي لا تقصد للإفهام إلا نادرًا ولا هي موضوعة له بخلاف الكتابة فإنها حروف موضوعة للإفهام كالعبارة ويعتد بإشارة الأخرس، وإن على القدر كتابة في طلاق وغيره كبيع ونكاح وإقرار ودعوى وعتق لأن إشارته قامت مقام عبارته لا في الصلاة فلا تبطل بها ولا في الشهادة فلا تصح بها ولا في حنث

بها فلا يحصل في الحلف على عدم الكلام فإن فهمها كل أحد فصريحة وإن اختص بها فطنون فكناية تحتاج إلى النية.

ثم أخذ المؤلّف يذكر آثارًا وأحاديث تتضمن ذكر إشارات لأحكام مختلفة تنبيهًا منه على أن الإشارة بالطلاق وغيره قائمة مقام النطق وأنه إذا اكتفى بها عن النطق مع القدرة عليه فمع عدم القدرة عليه أولى فقال :

(وقال ابن عمر) فيما وصله في الجنائز مطولًا (قال النبي : لا يعذب الله بدمع العين ولكن يعذب بهذا، فأشار) بالفاء ولأبي ذر وابن عساكر: وأشار (إلى لسانه) فيه أن الإشارة المفهمة كنطق اللسان.

(وقال كعب بن مالك) فيما وصله في الملازمة (أشار النبي إليّ) في دين كان لي على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي بيده (أي) وللكشميهني أن (خذ النصف) أي واترك ما عداه (وقالت أسماء) بنت أبي بكر فيما وصله في الكسوف (صلى النبي في الكسوف) فأطال القيام (فقلت لعائشة) وهي قائمة تصلي مع الناس (ما شأن الناس؟ فأومأت) وللكشميهني فأشارت (برأسها إلى الشمس فقلت) لها

<<  <  ج: ص:  >  >>