للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسليمان بن يسار: مثل ظهار الحرة. (وقال عكرمة) فيما وصله إسماعيل القاضي بسند لا بأس به: (إن ظاهر) الرجل (من أمته فليس بشيء وإنما الظهار من النساء) الحرائر.

وهذا مذهب الحنفية: والشافعية لقوله: {من نسائهم} وليست الأمة من النساء، ولقول ابن عباس إن الظهار كان طلاقًا ثم أحلّ بالكفارة فكما لا حظّ للأمة في الطلاق لا حظّ لها في الظهار، واعلم أنه يحرم بالظهار قبل التكفير الوطء والاستمتاع بما بين السرّة والركبة فقط كالحيض لأن الظهار معنى لا يخلّ بالملك، ولأنه تعالى أوجب التكفير في الآية قبل التماس حيث قال في الإعتاق والصوم: {من قبل أن يتماسا} [المجادلة: ٣] ويقدر مثله في الإطعام حملًا للمطلق على المقيد وروى أبو داود وغيره من حديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لرجل ظاهر من امرأته وواقعها "لا تقربها حتى تكفر" وتجب الكفارة بالعود وهو أن يمسكها زمانًا يمكنه مفارقتها فيه فلم يفعل لقوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا} [المجادلة: ٣] لأن دخول الفاء في خبر المبتدأ الموصول دليل على الشرطية كقوله: الذي يأتيني فله درهم، ومقصود الظهار وصف المرأة بالتحريم وإمساكها يخالفه وهل وجبت الكفارة بالظهار والعود أو بالظهار والعود شرط أو بالعود لأنه الجزء الأخير. أوجه ذكرها في الروضة من غير ترجيح، والأول هو ظاهر الآية الوافق

لترجيحهم أن كفارة اليمين تجب باليمين والحنث جميعًا، ولأن الظهار كما قاله الشيخ كمال الدين كبيرة فلا يصلح سببًا للكفارة لأنها عبادة أو المغلب فيها معنى العبادة ولا يكون المحظور سببًا للعبادة فتعلق وجوبها بهما ليخف معنى الحرمة باعتبار العود الذي هو إمساك بمعروف فيكون دائرًا بين الحظر والإباحة فيصلح سببًا للكفارة الدائرة بين العبادة والعقوبة ثم إن اللام في قوله تعالى: {لما قالوا} متعلقة بيعودون قاله مكي، وزاد وما والفعل مصدر أي لقولهم والمصدر في موضع المفعول به نحو هذا درهم ضرب الأمير أي مضروبه على أن ذلك يجوز، وإن كانت غير مصدرية بل لكونها بمعنى الذي أو نكرة موصوفة بل جعلها غير مصدرية أولى لأن المصدر المؤول فرع المصدر الصريح ووضع المصدر موضع اسم المفعول خلاف الأصل فيلزم الخروج عن الأصل بشيئين بالمصدر المؤوّل ثم وقوعه موقع اسم المفعول، والمحفوظ إنما هو وضع المصدر الصريح موضع المفعول لا المصدر المؤوّل، وقيل اللام تتعلق بـ {فتحرير} [المجادلة: ٣] وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير والذين يظاهرون من نسائهم فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من الظهار ثم يعودون للوطء بعد ذلك والعود الصيرورة ابتداء أو بناء فمن الأوّل قوله تعالى: {حتى عاد كالعرجون القديم} [يس: ٣٩] ومن الثاني و {إن عدتم عدنا} [الإسراء: ٨] ويعدى بنفسه كقوله: عدته إذا أتيته وصرت إليه أو بحرف الجر بإلى وعلى وفي واللام كقوله تعالى: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام: ٢٨] ومنه {ثم يعودون لما قالوا} [المجادلة: ٣] أي لنقض ما قالوا أو لتداركه على حذف المضاف وعن ثعلبة يعودون لتحليل ما حرموا على حذف المضاف أيضًا غير أنه أراد بما قالوا ما حرّموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلًا للقول منزلة المقول فيه كقوله: ونرثه ما يقول أراد المفعول فيه وهو المال والولد، وقال بعضهم: العود للقول عود بالتدارك لا بالتكرار وتداركه نقضه بنقيضه الذي هو العزم على الوطء ومن حمله على الوطء قال: لأنه المقصود بالمنع، ويحمل قوله: {من قبل أن يتماسا} أي مرة ثانية. ورأى أكثر العلماء قوله: {من قبل أن يتماسا} منعًا من الوطء قبل التكفير حتى كأنه قال: لا تماس حتى تكفر.

والحاصل أن يعودون إما أن يجرى على حقيقته أو محمول على التدارك مجازًا إطلاقًا لاسم المسبب على السبب لأن المتدارك للأمر عائد إليه، وإن ما قالوا إما عبارة عن القول السابق أو عن مسماه وهو تحريم الاستمتاع وقال ابن عباس: يعودون يندمون فيرجعون إلى الألفة لأن النادم والتائب متدارك لما صدر عنه بالتوبة والكفارة وأقرب الأقوال إلى هذا ما ذهب إليه الشافعي، وذلك أن القصد بالظهار التحريم فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>