للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اثنين} [التوبة: ٤٠] وثالث ثلاثة ومعنى خامس أربعة أي زائد عليهم وخامس خمسة أي أحدهم والأجود نصب خامس على الحال ويجوز رفعه بتقدير وهو خامس (فتبعهم رجل) أي يسم (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لأبي شعيب:

(إنك لدعوتنا خامس خمسة وهذا رجل قد تبعنا فإن شئت أذنت له) بفتح تاءي الفعلين كقوله (وإن شئت تركته لقال) أبو شعيب: (بل أذنت له) فيه أن من تطفّل في الدعوة كان لصاحب الدعوة الاختيار في حرمانه فإن دخل بغير إذن كان له إخراجه وأنه يحرم التطفل إلا إذا علم رضا المالك به لما بينهما من الإنس والانبساط، وقيد ذلك الإمام بالدعوة الخاصة أما العامة كان فتح الباب ليدخل من شاء فلا تطفّل، وفي سنن أبي داود بسند ضعيف عن ابن عمر رفعه: "من دخل بغير دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا".

والطفيلي مأخوذ من التطفل وهو منسوب إلى طفيل رجل من أهل الكوفة كان يأتي الولائم بلا دعوة فكان يقال له طفيل الأعراس فسمي من اتصف بصفته طفيليًّا، وكانت العرب تسميه الوراش بشين معجمة وتقول لمن يتبع الدعوة بغير دعوة: ضيفن بنون زائدة، وللحافظ أبي بكر الخطيب جزء في الطفيليين جمع فيه ملح أخبارهم.

(قال محمد بن يوسف) الفريابي (سمعت محمد بن إسماعيل) البخاري (يقول: إذا كان القوم على المائدة) التي دعوا إليها (ليس لهم أن يناولوا) غيرهم (من مائدة إلى مائدة أخرى ولكن يناول بعضهم بعضًا في تلك المائدة) لأنه صار لهم بالدعوة عموم إذن بالتصرف في الطعام المدعوّ إليه بخلاف من لم يدع (أو يدعوا) أي يتركوا ذلك والذي في اليونينية أو يدع بغير واو، والحاصل أنه ينزل من وضع بين يديه الشيء منزلة من دعي له وينزل الشيء الذي وضع بين يدي غيره منزلة من لم يدع إليه، وكأن المؤلّف استنبط هذا من استئذانه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الداعي في الرجل الذي تبعهم قاله في الفتح، ومقتضاه أنه لا يطعم هرة ولا سائلًا إلا إن علم رضاه به للعرف في ذلك وله تلقيم

صاحبه وتقريب المضيف الطاعم للضيف أذن له في الأكل اكتفاء بالقرينة العرفية إلا إن انتظر المضيف غيره فلا يأكل إلا بالإذن لفظًا أو بحضور الغير لاقتضاء القرينة عدم الأكل بدون ذلك ويملك ما التقمه بوضعه في فمه، وهذا ما اقتضى كلام الرافعي في الشرح الصغير ترجيحه.

وصرح بترجيحه القاضي والأسنوي، وقضية كلام المتولي ترجيح أنه يتبين الازدراد أنه ملكه وقيل يملكه بوضعه بين يديه وقيل بتناوله بيده، وقيل لا يملكه أصلًا بل شبه الذي يأكله كشبه العارية وتظهر فائدة الخلاف فيما لو أكل الضيف تمرًا وطرح نواه فنبت فلمن يكن شجره؟ وفيما لو رجع فيه صاحب الطعام قبل أن يبلعه وسقط لغير المستملي قوله قال محمد بن يوسف إلى آخره.

وأما المطابقة بين الحديث والترجمة فمن حيث إنه تكلف حصر العدد بقوله خامس خمسة ولولا تكلفه لما حصر.

٣٥ - باب مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إِلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ

(باب من أضاف رجلًا إلى طعام وأقبل هو) أي الذي أضاف (على عمله) ولم يأكل مع من أضافه وسقط لأبي ذر إلى طعام.

٥٤٣٥ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ النَّضْرَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَأَقْبَلَ الْغُلَامُ عَلَى عَمَلِهِ. قَالَ أَنَسٌ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَنَعَ مَا صَنَعَ.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون وبعد التحتية الساكنة راء أبو عبد الرحمن الحافظ أنه (سمع النضر) بالضاد المعجمة ابن شميل يقول: (أخبرنا ابن عون) عبد الله (قال: أخبرني) بالإفراد (ثمامة بن عبد الله بن أنس عن) جدّه (أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: كنت غلامًا أمشي مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدخل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على غلام له خياط) لم أقف على اسمه (فأتاه بقصعة فيها طعام) في باب الثريد فقدّم إليه قصعة فيها ثريد (وعليه دباء) أي قرع (فجعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتتبع الدباء) لحبه لأكلها وقوله يتتبع بفوقيتين وتشديد الموحدة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: يتبع الدباء بفوقية ساكنة وتخفيف الموحدة (قال) أن (فلما رأيت ذلك) الذي فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تتبعه الدباء (جعلت أجمعه) من حوالى القصعة (بين يديه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليأكله (قال) أنس: (فأقبل الغلام على عمله) ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>