للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيها موضع للمزيد وإسناد القول إليها حقيقة بأن يخلق الله فيها القول أو مجاز (حتى يضع فيها رب العالمين قدمه) أي من قدمه لها من أهل العذاب أو ثمة مخلوق اسمه القدم أو المراد تذليلها كتذليل من يوضع تحت الرجل والعرب تضع الأمثال بالأعضاء ولا تريد أعيانها (فينزوي) بالنون والزاي فيجتمع وينقبض (بعضها إلى بعض ثم تقول: قد قد) بفتح القاف وسكون الدال وتكسر فيهما أي حسبي حسبي قد اكتفيت (بعزتك وكرمك ولا تزال الجنة تفضل) عن الداخلين فيها ولأبي ذر عن المستملي بفضل بموحدة بدل الفوقية وفتح الفاء وسكون الضاد (حتى ينشئ الله لها خلقًا فيسكنهم فضل الجنة) الذي بقي منها.

وقد ساق المؤلف هذا الحديث هنا من ثلاثة طرق عن قتادة وسبق لفظ شعبة في تفسير سورة ق وساقه هنا على لفظ خليفة ويستنبط منه مشروعية الحلف بكرم الله كما في الحلف بعزة الله.

ومطابقة الحديث ظاهرة.

٨ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: ٧٣]

(باب قول الله تعالى): وسقط باب لغير أبي ذر ({وهو الذي خلق السماوات والأرض

بالحق} [الأنعام: ٧٣]) أي بكلمة الحق وهي قول كن وقال ابن عادل في لبابه قيل الباء بمعنى اللام أي إظهارًا للحق لأنه جعل صنعه دليلاً على وحدانيته فهو نظير قوله تعالى: {ما خلقت هذا باطلاً} [آل عمران: ١٩١] اهـ.

وهذا نقله السفاقسي عن الداودي، وتعقب بأن النحاة ذكروا للباء أربعة عشر معنى ليس منها أنها تأتي بمعنى اللام والحق في الأسماء الحسنى معناه كما قاله أبو الحكم عبد السلام بن برجان الواجب الوجود بالبقاء الدائم والدوام المتوالي الجامع للخير والمجد والمحامد كلها والثناء الحسن والأسماء الحسنى والصفات العلى. قال: ومعنى قولنا واجب الوجود أنه اضطر جميع الموجودات إلى معرفة وجوده وألزمها إيجاده إياها قال تعالى: وقد ذكر دلائله واستشهاده ببيناته ذلك بأن الله هو الحق، وإنه يحيي الموتى، وأنه على كل شيء قدير، فأوجب عن واجب وجوده أنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن وجود كل ذي وجود عن وجوده ثم قال: {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} [الحج: ٦٢] أي لا وجود له إذ ليس له في الوجود وجود البتة فاستحال لذلك وجوده، فالموجودات من حيث إنها ممكنة لا وجود لها في حد ذاتها ولا ثبوت لها من قبل أنفسها وإياه عنى الشاعر بقوله:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل

ولما أظهر جملة المخلوقات التي خلقها بالحق وللحق. قال: خلق الله السماوات والأرض بالحق فظهر الحق بعضه لبعض، ودل عليه به فالله تعالى هو الحق المبين وجوده الحق، وقوله الحق وقدرته الحق وعلمه الحق وإرادته الحق وصفاته العلى الحق وأسماؤه كلها الحق، وأوجد فعله الحق بكلمته الحق، فالحق بوجوب وجوده وعموم حقيقته قد ملأ أركان الوجود كلها وشمل نواحي العلم وأطبق على أقطار التفكير فلم يكن للباطل من الوجود نصيب.

٧٣٨٥ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى لَا إِلَهَ لِى غَيْرُكَ».

وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف ابن عقبة السوائي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري عن ابن جريج) عبد الملك (عن سليمان) بن مسلم الأحول (عن طاوس) الإمام أبي عبد الرحمن بن كيسان وقيل اسمه ذكوان (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعو من الليل) أي إذا تهجد من الليل.

(اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن). وفي رواية قيام وفي أخرى قيوم وهي من أبنية المبالغة والقيم معناه القائم بأمور الخلق ومدبرهم ومدبر العالم في جميع أحواله والقيوم هو القائم بنفسه مطلقًا لا بغيره ويقوم به كل موجود حتى لا يتصور وجود الشيء ولا دوام وجوده إلا به. وقال التوربشتي: معناه أنت الذي تقوم بحفظهما وحفظ من أحاطتا به واشتملتا عليه وقال ومن تغليبًا للعقلاء على غيرهم، ولأبي ذر: وما فيهن (لك الحمد أنت نور السماوات والأرض) أي ذو نور السماوات ونور الأرض وأضاف النور إليهما للدلالة على سعة إشراقه

<<  <  ج: ص:  >  >>