إلى صلاة الجمعة (فلم) بالفاء، وللأصيلي: ولم (يفرق) في المسجد (بين اثنين) بالتخطي أو بالجلوس بينهما، وهو كناية عن التبكير، كما مرّ، لأنه إذا بكر لا يتخطى ولا يفرق (فصلّى ما كتب له) أي فرض من صلاة الجمعة، أو ما قدره فرضًا أو نفلاً (ثم إذا خرج الإمام أنصت) لسماع الخطبة، (غفر له ما بينه) أي بين يوم الجمعة الماضية (وبين) يوم (الجمعة الأخرى) المستقبلة.
والحديث سبق في باب الدهن للجمعة مع شرحه.
٢٠ - باب لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَقْعُدُ فِي مَكَانِهِ
هذا (باب) بالتنوين (لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد في مكانه) لا: نافية، والفعل مرفوع، والخبر في معنى النهي، ويقعد بالرفع عطفًا على يقيم، أو على أن الجملة حالية، أي: وهو يقعد، أو بالنصب، بتقدير: أن، فعلى الأول كلٌّ من الإقامة والقعود منهي عنه، وعلى الثاني والثالث: النهي عن الجمع بينهما، حتى: لو أقامه ولم يقعد لم يرتكب النهي.
ولم يذكر المؤلّف حديث مسلم عن جابر من طريق أبي الزبير المقيد، كالترجمة، بيوم الجمعة ليطابقها، ولفظه: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: تفسحوا". لأنه ليس على شرطه، لكنه أشار إليه بالقيد المذكور في الترجمة كعادته، رحمه الله.
٩١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ". قُلْتُ لِنَافِعٍ: الْجُمُعَةَ؟ قَالَ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا. [الحديث ٩١١ - طرفاه في: ٦٢٦٩، ٦٢٧٠].
وبالسند إليه قال: (حدّثنا محمد) زاد أبو ذر: هو ابن سلام، أي: بتشديد اللام كما في الفرع، وضبطها العيني بالتخفيف، وهو البيكندي (قال: أخبرنا مخلد بن يزيد) بفتح الميم وسكون المعجمة، ويزيد من الزيادة (قال: أخبرنا ابن جريج) عبد الملك (قال: سمعت نافعًا) مولى ابن عمر،
حال كونه (يقول: سمعت ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما) حال كونه (يقول: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يقيم الرجل أخاه) أي: نهى عن إقامة الرجل أخاه، فأن مصدرية. ولأبوي ذر والوقت في نسخة، والأصيلي وابن عساكر: أن يقيم الرجل الرجل (من مقعده) بفتح الميم، موضع قعوده (ويجلس فيه) بالنصب عطفًا على أن يقيم، أي: وأن يجلس.
والمعنى: أن كل واحد منهي عنه وظاهر النهي التحريم، فلا يصرف إلا بدليل، فلا يجوز أن يقيم أحدًا من مكانه ويجلس فيه، لأن من سبق إلى مباح فهو أحق به.
ولأحمد حديث: "إن الذي يتخطى رقاب الناس أو يفرق بين اثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه في النار". وهو بضم القاف، أي: أمعاءه. والتفرقة صادقة بأن يزحزح رجلين عن مكانهما، ويجلس بينهما.
نعم، لو قام الجالس باختياره، وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس غيره، ولو بعث من يقعد له في مكان ليقوم عنه إذا جاء هو، جاز أيضًا من غير كراهة، ولو فرش له نحو سجادة، فلغيره تنحيتها والصلاة مكانها، لأن السبق بالأجسام لا بما يفرش، ولا يجوز له الجلوس عليها بغير رضاه. نعم، لا يرفعها بيده أو غيرها، لئلا تدخل في ضمانه.
واستنبط من قوله في حديث مسلم السابق: ولكن يقول تفسحوا، إن الذي يتخطى بعد الاستئذان لا كراهة في حقه.
قال ابن جريج: (قلت لنافع: الجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها) بالنصب في الثلاثة على نزع الخافض، أي في الجمعة وغيرها.
ولأبي ذر: والجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها. بالرفع في الثلاثة على الابتداء، وغيرها عطف عليه، والخبر محذوف، أي: الجمعة وغيرها متساويان في النهي عن التخطي في مواضع الصلوات.
ورواة الحديث ما بين: بخاري، وحراني، ومكّي، ومدني، وفيه التحديث والإخبار، والسماع والقول، وشيخ المؤلّف رحمه الله من أفراده، وأخرجه مسلم في الاستئذان.
٢١ - باب الأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
(باب) وقت مشروعية (الأذان يوم الجمعة).
٩١٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رضي الله عنهما-. فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ -رضي الله عنه-. وَكَثُرَ النَّاسُ -زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ". [الحديث ٩١٢ - أطرافه في: ٩١٣، ٩١٥، ٩١٦].
وبه قال: (حدثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (عن) ابن شهاب (الزهري عن السائب بن يزيد) الكندي (قال: كان النداء) أي: الذي ذكره الله في القرآن (يوم الجمعة، أوّله) بالرفع، بدل، من اسم كان، وخبرها، قوله (إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، و) خلافة (أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه) خليفة، (وكثر الناس) أي المسلمون بمدينة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، (زاد) بعد مضي مدّة من خلافته (النداء الثالث) عند دخول الوقت (على الزوراء) بفتح الزاي وسكون الواو وفتح الراء ممدودًا، أو سماه ثالثًا باعتبار كونه مزيدًا على الأذان بين يدي الإمام، والإقامة للصلاة.
وزاد ابن