[٧٥] سورة الْقِيَامَةِ
([٧٥] سورة الْقِيَامَةِ)
مكية أربعون آية.
١ - باب وَقَوْلُهُ:
﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿سُدًى﴾: هَمَلًا. ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾:
سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ. ﴿لَا وَزَرَ﴾: لَا حِصْنَ.
(وقوله) ﷿: (﴿لا تحرك به﴾) [القيامة: ١٦] أي بالقرآن والخطاب للنبي-ﷺ (﴿لسانك﴾) قبل أن يتم جبريل وحيه (﴿لتعجل به﴾) مخافة أن ينفلت منك (وقال ابن عباس) فيما وصله الطبري (﴿سدّى﴾) [القيامة: ٣٦] معناه (هملًا) بفتحتين أي مهملًا لا يكلف بالشرائع ولا يجازى.
(﴿ليفجر أمامه﴾) [القيامة: ٥] قال ابن عباس فيما وصله الطبري من طريق العوفي يقول الإنسان (سوف أتوب سوف أعمل) عملًا صالحًا قبل يوم القيامة حتى يأتيه الموت على شرّ، ولابن أبي حاتم عنه قال: هو الكافر يكذب بالحساب ويفجر أمامه أي يدوم على فجوره بغير توبة.
(﴿لا وزر﴾) [القيامة: ١١] قال ابن عباس: أي (لا حصن) أي لا ملجأ: قال الشاعر:
لعمرك ما للفتى من وزر … من الموت يدركه والكبر
٤٩٢٧ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ - وَكَانَ ثِقَةً - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ. وَوَصَفَ سُفْيَانُ يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا موسى بن أبي عائشة) الكوفي الهمداني قال سفيان (وكان) أي ابن أبي عائشة (ثقة) وصفه بذلك تأكيدًا (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﵄) أنه (قال: كان النبي ﷺ إذا نزل عليه الوحي حرك به لسانه، ووصف سفيان) بن عيينة كيفية التحريك وفي رواية سعيد بن منصور: وحرك سفيان شفتيه (يريد) ﵊ بهذا التحريك (أن يحفظه) أي القرآن (فأنزل الله) تعالى: (﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾) لتأخذه على عجلة مخافة تفلته.
٢ - باب ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾
هذا (باب) بالتنوين (﴿إن علينا جمعه وقرآنه﴾) [القيامة: ١٧] أي قراءته فهو مصدر مضاف للمفعول والفاعل محذوف والأصل وقراءتك إياه والقرآن مصدر بمعنى القراءة وسقط لأبي ذر إن علينا الخ ولفظ باب لغيره.
٤٩٢٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾: يَخْشَى أَنْ يَتْفَلِتَ مِنْهُ. ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾: أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ، وَقُرْآنَهُ أَنْ تَقْرَأَهُ. ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ يَقُولُ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ
﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ.
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغرًا ابن باذام العبسي الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن موسى بن أبي عائشة) الكوفي (أنه سأل سعيد بن جبير عن قوله تعالى: ﴿لا تحرك به لسانك﴾ قال) ابن جبير مجيبًا لموسى: (وقال) ولأبي ذر: قال (ابن عباس) ﵄: (كان) أي النبي ﷺ (يحرك شفتيه إذا أنزل عليه) بهمزة مضمومة ولأبي ذر نزل عليه بحذفها (فقيل له) على لسان جبريل: (﴿لا تحرك به لسانك﴾) وكان (يخشى أن يتفلت منه) أي القرآن والذي في اليونينية ينفلت بالنون بعد التحتية بدل الفوقية (﴿إن علينا جمعه وقرآنه﴾) سقط وقرآنه لأبي ذر أي (أن نجمعه في صدرك) أي ضمنًا أن نحفظه عليك ﴿إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون﴾ [الحجر: ٩] وتكلفنا جمعه (وقرآنه أن تقرأه) بلسانك (﴿فإذا قرآناه﴾ يقول: أنزل عليه) مع جبريل (﴿فاتبع قرآنه﴾) قراءته (﴿ثم إن علينا بيانه﴾) [القيامة: ١٨] أي (أن نبينه على لسانك) وفسره غير ابن عباس ببيان ما أشكل من معانيه وفيه دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب.
٣ - باب ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَرَأْنَاهُ بَيَّنَّاهُ فَاتَّبِعْ اعْمَلْ بِهِ
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: (﴿فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾) [القيامة: ١٨] وسقط لفظ باب لغير أبي ذر. (قال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم (قرأناه) أي (بيناه فاتبع) أي (اعمل به) وقال ابن عباس أيضًا فيما ذكره ابن كثير: ثم إن علينا بيانه نبين حلاله وحرامه.
٤٩٢٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي فِي ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٧] قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ وَقُرْآنَهُ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ ثُمَّ ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] تَوَعُّدٌ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البغلاني قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد بن قرط بضم القاف وبعد الراء الساكنة طاء مهملة الكوفي (عن موسى بن أبي عائشة) الكوفي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) ﵄ (في قوله) تعالى: (﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾ قال: كان رسول الله ﷺ إذا نزل جبريل عليه بالوحي وكان) عليه الصلاة
والسلام (مما يحرك به لسانك وشفتيه) بالتثنية واقتصر في رواية أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة في بدء الوحي على ذكر الشفتين، وكذلك إسرائيل عن ابن أبي عائشة في الباب السابق قريبًا واقتصر سفيان على اللسان