الإمام هو أوّل صلاته، لأن الإتمام إنما يكون بناء على ما سبق له.
وقد سبق الحديث بمباحثه في باب: لا يسعى إلى الصلاة، وليأتها بالسكينة والوقار، آخر كتاب الأذان.
٩٠٩ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ لَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ».
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم، الفلاَّس، (قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر والأصيلي: حدّثنا (أبو قتيبة) بضم القاف وفتح المثناة الفوقية، سلم: بفتح المهملة وسكون اللام، ابن قتيبة الشعيري: بفتح المعجمة، الخراساني، سكن البصرة (قال: حدّثنا علي بن المبارك) الهنائي، بضم الهاء وتخفيف النون ممدودًا، (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة، (عن عبد الله بن أبي قتادة) الأنصاري المدني (لا أعلمه إلاّ عن أبيه).
زاد أبو ذر، في روايته عن المستملي: قال أبو عبد الله، أي: البخاري: لا أعلمه، أي: لا أعلم رواية عبد الله هذا الحديث إلا عن أبيه، أبي قتادة الحرث، ويقال: عمرو، أو النعمان بن ربعي، بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة، ابن بلدمة، بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة، السلمي، بفتحتين، المدني. قال الحافظ ابن حجر: كأنه وقع عنده، يعني المؤلّف، توقف في وصله لكونه كتبه من حفظه أو لغير ذلك، وهو في الأصل موصول لا ريب فيه، أخرجه الإسماعيلي عن ابن ناجية، عن أبي حفص، وهو عمرو بن علي شيخ المؤلّف، فقال: عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، ولم يشك. اهـ.
قلت: وكذا في الفرع وأصله في رواية ابن عساكر: عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه (عن النبي ﷺ قال):
(لا تقوموا حتى تروني، وعليكم السكينة) بالرفع والنصب كما مر قريبًا.
وسبق الحديث في آخر كتاب الأذان، في باب: متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة، مع مباحثه.
١٩ - باب لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
هذا (باب) بالتنوين (لاّ يفرّق) الداخل المسجد (بين اثنين يوم الجمعة) لا: ناهية، والفعل من التفريق مبني للفاعل أو المفعول.
والتفرقة تتناول، أمرين أحدهما: التخطي، والثاني: أن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بينهما.
فأما الأوّل: فهو مكروه لأنه ﷺ، رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال له: "اجلس، فقد آذيت وآنيت". أي تأخرت. رواه ابن ماجة، والحاكم وصححاه.
وفي الطبراني أنه ﵊ قال لرجل: "رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم، من آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله".
وللترمذي: "من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرًا إلى جهنم". قال العراقي: المشهور: اتخذ مبنيًّا للمفعول، أي: يجعل جسرًا على طريق جهنم ليوطأ، ويتخطى كما تخطى رقاب الناس، فإن الجزاء من جنس العمل، ويحتمل أن يكون على بناء الفاعل، أي: اتخذ لنفسه جسرًا يمشي عليه إلى جهنم بسبب ذلك.
ولأبي داود، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه رفعه: "ومن تخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا"، أي: لا تكون له كفّارة لما بينهما.
نعم: لا يكره للإمام إذا لم يبلغ المحراب إلاّ بالتخطي لاضطراره إليه، ومن لم يجد فرجة بأن لم يبلغها إلاّ بتخطي صف أو صفين، فلا يكره، وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلاء الفرجة، لكن يستحب له إن وجد غيرها أن لا يتخطى.
وهل الكراهة المذكورة للتنزيه أم للتحريم؟ صرّح بالأول في المجموع، ونقل الشيخ أبو حامد الثاني عن نص الشافعي ﵀، واختاره في الروضة في: الشهادات، وقيد المالكية والأوزاعي الكراهة بما إذا كان الإمام على المنبر لحديث أحمد الآتي:
وأما الثاني: وهو، أن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بيهما، فيأتي إن شاء الله تعالى في الباب التالي.
٩١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى».
وبالسند قال: (حدّثنا عبدان) هو ابن عبد الله بن عثمان المروزي (قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا) ولابن عساكر: حدّثنا (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن (عن سعيد المقبري) بضم الموحدة (عن أبيه) أبي سعيد، كيسان (عن ابن وديعة) بفتح الواو، عبد الله (عن سلمان الفارسي) ﵁، ولابن عساكر: حدّثنا سلمان الفارسي (قال: قال رسول الله ﷺ):
(من اغتسل يوم الجمعة، وتطهر بما استطاع من طهر) كقص الشارب، وقلم الظفر، وحلق العانة، وتنظيف الثياب (ثم ادّهن) بتشديد الدال: طلى جسده به (أو مسَّ من طيب) بأو التي للتفصيل (ثم راح) ذهب