للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذه الآية ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانًا على سرر متقابلين﴾ قال:

(يخلص المؤمنون من النار) بفتح التحتية وضم اللام من يخلص أي ينجون من السقوط فيها

بعدما يجوزون الصراط (فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار) قيل إنها صراط آخر، وقيل إنها من تتمة الصراط وإنها طرفه الذي يلي الجنة. قال القرطبي: وهؤلاء المؤمنون هم الذين علم الله أن القصاص لا يستنفد حسناتهم، وقال في الفتح: ولعل أصحاب الأعراف منهم على القول الراجح قال: وخرج من هذا صنفان من دخل الجنة بغير حساب ومن أوبقه عمله من الموحدين، وأما الناجون فقد يكون عليهم تبعات فيخلصون ولهم حسنات توازنها أو تزيد عليها (فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا) بضم التحتية وفتح القاف من يقص مبنيًّا للمفعول ولأبي ذر عن الكشميهني فيقتص بضم التحتية وسكون القاف وزيادة فوقية مفتوحة بعدها كذا في الفرع بضم التحتية. وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني: بفتحها فتكون اللام على هذه الرواية زائدة والفاعل محذوف وهو الله تعالى أو من أقامه في ذلك، وفي رواية شيبان عن قتادة السابقة في المظالم فيقتص بعضهم من بعض (حتى إذا هذبوا) بضم الهاء وكسر الذال المعجمة المشددة بعدها موحدة من التهذيب (ونقوا) بضم النون والقاف المشددة من التنقية وأصله نقيوا استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى سابقتها بعد حذف حركتها. وقال الجوهري: التهذيب كالتنقية ورجل مهذب أي مطهر الأخلاق، فعلى هذا قوله ونقوا تفسير لقوله هذبوا وأدخل واو العطف بين المفسر والمفسر، والمراد التخليص من التبعات فإذا خلصوا منها (أذن لهم) بضم الهمزة وكسر المعجمة (في دخول الجنة) وليس في قلوب بعضهم على بعض غل أي حقد كامن في قلوبهم بل ألقى الله فيها التواد والتحاب (فو) الله (الذي نفس محمد بيده لأحدهم) بفتح اللام للتأكيد واحد مبتدأ خبره قوله (أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله) الذي كان (في الدنيا).

قال في شرح المشكاة فيما قرأته: فيه هدى لا يتعدى بالباء بل باللام وإلى فالوجه أن يضمن معنى اللصوق أي ألصق بمنزله هاديًا إليه قال: وفي معناه قوله تعالى ﴿يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار﴾ [يونس: ٩] أي يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة فجعل تجري من تحتهم الأنهار بيانًا له وتفسيرًا لأن التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها، وأما ما أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد وصححه الحاكم عن عبد الله بن سلام أن الملائكة تدلهم على طريق الجنة يمينًا وشمالاً فهو محمول على من لم يحبس بالقنطرة أو على الجميع والمراد أن الملائكة تقول لهم ذلك قبل دخول الجنة فمن دخل كانت معرفته بمنزله فيها كمعرفته بمنزله في الدنيا لأن منازلهم تعرض عليهم غدوًّا وعشيًّا.

وحديث الباب مرّ في المظالم.

٤٩ - باب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (من نوقش الحساب عذب).

٦٥٣٦ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ

عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ» قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ [الانشقاق: ٨] قَالَ: «ذَلِكِ الْعَرْضُ».

وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين ابن باذام الكوفي (عن عثمان بن الأسود) بن موسى المكي (عن أبي مليكة) عبد الله (عن عائشة) (عن النبي ) أنه (قال):

(من) مبتدأ (نوقش) بضم أوله وكسر القاف صلته (الحساب) نصب بنزع الخافض (عذب) بضم أوله وكسر المعجمة خبر المبتدأ أي من استقصى في محاسبته وحوقق عذب في النار جزاء على سيئاته وأصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه وقد نقشها وانتقشها (قالت) عائشة (قلت) يا رسول الله (أليس يقول الله تعالى: ﴿فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا﴾) [الانشقاق: ٨] أي سهلاً هينًا بأن يجازي على الحسنات ويتجاوز عن السيئات (قال) (ذلك) بكسر القاف وتفتح أي الحساب المذكور في الآية (العرض) أي عرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا وفي عفوه عنها في الآخرة.

والحديث مرّ في العلم في باب من سمع شيئًا فراجعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>