هو ابن سلم (قال: سمعت عبد الله) بن مسعود (﵁) يقول: (قال النبي ﷺ):
(أول ما يقضى بين الناس) بضم التحتية يوم القيامة (بالدماء) التي جرت بينهم في الدنيا ولأبي ذر عن الكشميهني وابن عساكر في نسخة في الدماء بلفظ في بدل الموحدة وفيه تعظيم أمر الدماء فإن البداءة تكون بالأهم فالأهم وهي حقيقة بذلك، فإن الذنوب تعظم بحسب عظم المفسدة الواقعة بها أو بحسب فوات المعصية المتعلقة بعدمها وهدم البنية الإنسانية من أعظم المفاسد. قال بعض المحققين: ولا ينبغي أن يكون بعد الكفر بالله تعالى أعظم منه، ثم يحتمل من حيث اللفظ أن تكون الأولية مخصوصة بما يقع فيه الحكم بين الناس، وأن تكون عامّة في أولية ما يقضى فيه مطلقًا، ومما يقوي الأول حديث أبي هريرة المروي في السنن الأربعة مرفوعًا "إن أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة صلاته" الحديث وقد جمع النسائي في روايته في حديث ابن مسعود بين الخبرين ولفظه: أول ما يحاسب العبد عليه صلاته وأول ما يقضى بين الناس في الدماء".
ورجال حديث الباب كلهم كوفيون وأخرجه المؤلّف أيضًا في الديات ومسلم في الحدود والترمذي في الديات والنسائي في المحاربة وابن ماجة في الديات.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن سعيد المقبري) بضم الموحدة (عن أبي هريرة) عبد الرَّحمن بن صخر ﵁(أن رسول الله ﷺ قال):
(من كانت عنده مظلمة) بفتح اللام وكسرها والكسر هو الذي في اليونينية وهو الأشهر وهو
اسم لما أخذه المرء بغير حق (لأخيه) المسلم ولأبي ذر عن الكشميهني من أخيه (فليتحلله منها) أي ليسأله أن يجعله في حل وليطلب منه براءة ذمته قبل يوم القيامة (فإنه) أي الشأن (ليس ثم) بفتح المثلثة أي ليس هناك يعني يوم القيامة (دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من) أصل ثواب (حسناته) ما يوازي العقوبة عن السيئة فيزاد على ثواب المظلوم وما زاد مما تفضل الله به من مضاعفة الحسنة إلى عشرة إلى ما شاء الله فإنه يبقى لصاحبه (فإنه لم يكن له) للظالم (حسنات أخذ) بضم الهمزة وكسر المعجمة (من) عقوبة (سيئات أخيه فطرحت عليه). وفي حديث ابن مسعود عند أبي نعيم يؤخذ بيد العبد فينصب على رؤوس الناس وينادى عليه. هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق فليأت فيأتون فيقول الرب آت هؤلاء حقوقهم فيقول: يا رب فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم؟ فيقول للملائكة: خذوا من أعماله الصالحة وأعطوا كل إنسان بقدر طلبته فإن كان ناجيًا وفضل من حسناته مثقال حبة من خردل ضاعفها الله تعالى حتى يدخله بها الجنة.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر وابن عساكر: حدّثنا (الصلت بن محمد) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية ابن محمد بن عبد الرَّحمن الخاركي بالخاء المعجمة والراء والكاف قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء مصغرًا أبو معاوية البصري وقرأ هذه الآية: ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل﴾ [الأعراف: ٤٣] من حقد كان في القلب أي إن كان لأحدهم في الدنيا غل على آخر نزع الله ذلك من قلوبهم وطيب نفوسهم أي طهر قلوبهم من أن يتحاسدوا على الدرجات في الجنة ونزع منها كل غل وألقى فيها التوادّ والتحابب، وذكر هذه الآية بين رجال الإسناد ليبين أن متن الحديث كالتفسير لها (قال) يزيد بن زريع: (حدّثنا سعيد) بكسر العين ابن أبي عروبة (عن قتادة) بن دعامة (عن أبي المتوكل) علي بن داود (الناجي) بالنون وبعد الألف جيم مكسورة نسبة إلى بني ناجية بن سامة بن لؤي قبيلة (أن أبا سعيد) سعد بن مالك (الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ) وعند الإسماعيلي من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع بهذا السند إلى أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ