للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي هو في سياق النفي كقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [الأحقاف: ٣٣] اهـ.

والمستثنى منه محذوف ذكره معمر في روايته عن الزهري عن سالم بلفظ: وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين فإن لم يجد نعلين (فليلبس خفين) ولأبي الوقت: فليلبس الخفين بالتعريف (وليقطعهما) أي بشرط أن يقطعهما (أسفل من الكعبين) ولا فدية عليه لأنها لو وجبت لبينها النبي وهذا موضع بيانها. وقال الحنفية: عليه الفدية كما إذا احتاج إلى حلق الرأس يحلقه

ويفدي. وقال الحنابلة: ومن لم يجد إزارًا لبس سراويل ومتى وجد إزارًا خلعه أو نعلين لبس خفين ويحرم قطعهما. واستدلوا بحديث ابن عباس وجابر في الصحيح: من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليس فيه ذكر القطع وقالوا: قطعهما إضاعة مال. قالوا: وإن حديث ابن عمر المصرح بقطعهما منسوخ.

وأجيب: بأنه لا يرتاب أحد من المحدّثين أن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن عباس لأن حديث ابن عمر جاء بإسناد وصف بأنه أصح الأسانيد، واتفق عليه عن ابن عمر غير واحد من الحفاظ منهم نافع وسالم بخلاف حديث ابن عباس فلم يأت مرفوعًا إلا من رواية جابر بن زيد عنه، وبأنه يجب حمل حديث ابن عباس وجابر على حديث ابن عمر لأنهما مطلقان، وفي حديث ابن عمر زياة لم يذكراها يحب الأخذ بها وبأن إضاعة المال إنما تكون في المنهي عنه لا فيما أذن فيه والأمر في قوله: فليلبس الخفين للإباحة لا للوجوب والسر في تحريم المخيط وغيره مما ذكره مخالفة العادة والخروج عن المألوف لإشعار النفس بأمرين: الخروج عن الدنيا والتذكر للبس الأكفان عند نزع المخيط وتنبيهها على التلبس بهذه العبادة العظيمة بالخروج عن معتادها وذلك موجب للإقبال عليها والمحافظة على قوانينها وأركانها وشرائطها وآدابها.

(ولا تلبسوا) بفتح أوله وثالثه (من الثياب شيئًا مسه الزعفران) بالتعريف، ولأبي ذر: زعفران. قال الزركشي: بالتنوين لأنه ليس فيه إلا الألف والنون فقط وهو لا يمنع الصرف فلو سميت به امتنع، (أو ورس) بفتح الواو وسكون الراء بعدها سين مهملة نبت أصفر مثل نبات السمسم طيب الريح يصبغ به بين الصفرة والحمرة أشهر طيب في بلاد اليمن لكن قال ابن العربي: الورس وإن لم يكن طيبًا فله رائحة طيبة فأراد النبي أن ينبه به على اجتناب الطيب وما يشبهه في ملائمة الشم، وهذا الحكم يشترك فيه النساء مع الرجال بخلاف الأول فإنه خاص بالرجال.

وهذا الحديث سبق في باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله في آخر كتاب العلم.

٢٢ - باب الرُّكُوبِ وَالاِرْتِدَافِ فِي الْحَجِّ

(باب جواز الركوب والارتداف في الحج).

١٥٤٣ و ١٥٤٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ الأَيْلِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّ أُسَامَةَ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَالَ فَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ". [حديث ١٥٤٣ - طرفه في: ١٦٨٦ [حديث ١٥٤٤ - أطرافه في: ١٦٧٠، ١٦٨٥، ١٦٨٧].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الواو وسكون الهاء وجرير بفتح الجيم الأزدي البصري قال: (حدّثنا أبي) جرير بن حازم بن زيد (عن يونس) بن يزيد (الأيلي) بفتح الهمزة وسكون التحتية (عن) ابن شهاب (الزهري عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير عبد الأول أحد الفقهاء السبعة (عن ابن عباس ).

(أن أسامة) بن زيد ( كان ردف النبي) بكسر الراء وسكون الدال أي رديفه وهو الذي يركب خلف الراكب، ولأبي ذر: ردف رسول الله ( من عرفة) موضع الوقوف (إلى المزدلفة)، بكسر اللام اسم فاعل من الازدلاف وهو القرب لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفة يزدلفون إليها أي يقربون منها ويقدمون إليها أو لمجيئهم إليها في زلف من الليل، (ثم أردف) (الفضل) بن العباس بن عبد المطلب (من المزدلفة إلى منى)، تواضعًا منه وليحدّثنا عنه بما يتفق له في تلك الحالة من التشريع، ولذا اختار أحداث الأسنان كما يختارون لتسميع الحديث قاله ابن المنير: (قال: فكلاهما قال: لم يزل النبي يلبي حتى) أي إلى أن (رمى جمرة العقبة) وهي حدّ منى من جهة مكة من الجانب الغربي. وفي الحديث جواز الإرداف لكن إذا أطاقته الدابة وأن الركوب في الحج أفضل من المشي وأخرجه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>