يعصرون}) فتأول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب والعجاف واليابسات بسنين مجدبة ثم بشرهم بعد الفراغ من تأويل الرؤيا بأن العام الثامن يجيء مباركًا كثير الخير غزير النعم وذلك من جهة الوحي فرجع الساقي وأخبر الملك بتعبير رؤياه ({وقال الملك}) بعد أن رجع إليه الساقي وأخبره بتعبير رؤياه ({ائتوني به فلما جاءه الرسول}) ليخرجه من السجن امتنع من الخروج ليتحقق الملك ورعيته براءته ونزاهته مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز وأن سجنه لم يكن عن أمر يقتضيه بل كان ظلمًا وعدوانًا ({قال ارجع إلى ربك}) [يوسف: ٣٦ - ٥٠] أي سيدك يريد الملك ({فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهم}) الآية، وسقط لأبي ذر من قوله: ({قال أحدهم}) إلى آخره وقال بعد قوله: فتيان إلى قوله: ارجع إلى ربك.
({وادّكر}) بالدال المهملة (افتعل من ذكر) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ذكرت بسكون الراء فأدغم التاء في الذال فحولت دالاً مهملة ثقيلة.
(أمة) في (قرن) بالجر لأبي ذر ولغيره بالرفع وقيل حين وعن سعيد بن جبير بعد سنتين (ويقرأ أمه) بفتح الهمزة والميم وكسر الهاء منونة أي بعد (نسيان) ونسبت هذه القراءة لابن عباس وهي شاذة.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم (يعصرون) أي (الأعناب والدهن تحصنون) أي (تحرسون).
٦٩٩٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِى الدَّاعِى لأَجَبْتُهُ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) الضبعي قال: (حدّثنا جويرية) بن أسماء وهو عم السابق (عن مالك) الإمام (عن الزهري) محمد بن مسلم (أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد) بضم العين مصغرًا سعد بن عبيد مولى عبد الرحمن بن الأزهر بن عوف (أخبراه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لو لبثت في السجن ما لبث يوسف) أي مدة لبثه (ثم أتاني الداعي) من الملك يدعوني إليه (لأجبته) مسرعًا. وفي هذا من التنويه بشرف يوسف وعلو قدره وصبره ما لا يخفى صلوات الله وسلامه عليه. وعند عبد الرزاق عن عكرمة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ولكنه أراد أن يكون له العذر".
وهذا حديث مرسل: فإن قلت: إن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما ذكر هذا الكلام على جهة المدح ليوسف عليه السلام فما باله هو يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره؟ أجيب: بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أخذ لنفسه الشريفة وجهًا آخر من الرأي له وجه أيضًا من الجودة أي: لو كنت أنا لبادرت الخروج ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك، وذلك أن هذه القصص والنوازل إنما هي معرضة ليقتدي الناس بها إلى يوم القيامة فأراد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حمل الناس على الأحزم من الأمور وذلك أن المتعمق في مثل هذه النازلة التارك فرصة الخروج من ذلك السجن ربما ينتج له من ذلك البقاء في سجنه، وإن كان يوسف عليه السلام أمن من ذلك بعلمه من الله فغيره من الناس لا يأمن من ذلك، فالحالة التي ذهب إليها نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حالة حزم ومدح وما فعله يوسف عليه السلام صبر عظيم، وقال بعضهم: خشي يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن فينال من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحًا فيراه الناس بتلك المنزلة ويقولون: هذا الذي راود امرأة مولاه فأراد أن يبين براءته ويحقق منزلته من العفة.
والحديث سبق في التفسير وأحاديث الأنبياء. ومطابقة الترجمة للآيات ظاهرة وكذا الحديث.
١٠ - باب مَنْ رَأَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى الْمَنَامِ
(باب من رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام).
٦٩٩٣ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَسَيَرَانِى فِى الْيَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِى». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رَآهُ فِى صُورَتِهِ.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك
(عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: (من رآني في المنام فسيراني