الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ كان من أراد أن يفطر ويفتدي) فعل (حتى نزلت الآية التي بعدها) ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾
(فنسختها) كلها أو بعضها فيكون حكم الإطعام باقيًا على من لم يطق الصوم لكبر، وقال مالك: جميع الإطعام منسوخ لكنه مستحب.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصوم وكذا أبو داود والترمذي، وأخرجه النسائي في التفسير.
(قال أبو عبد الله) البخاري: (مات بكير) هو ابن عبد الله بن الأشج (قبل) شيخه (يزيد) بن أبي عبيد الأسلمي، وكانت وفاته في سنة عشرين ومائة أو قبلها أو بعدها، وتوفي يزيد سنة ست أو سبع وأربعين ومائة وسقط قوله قال أبو عبد الله الخ في رواية غير المستملي.
٢٧ - باب ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾
(﴿أحلّ﴾) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول أي أحل الله (﴿لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾) عدى الرفث الذي هو كناية عن الجماع بإلى، والأصل أن يتعدى بالباء يقال: أرفث فلان بامرأته لتضمنه معنى الإفضاء. قال تعالى: ﴿وقد أفض بعضكم إلى بعض﴾ [النساء: ٢١] كأنه قال أحل لكم الإفضاء إلى نسائكم بالرفث (﴿هن﴾) أي نساؤكم (﴿لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾). قال الزمخشري: لما كان الرجل والمرأة يعتنقان ويشتمل كل واحد منهما على صاحبه في عناقه شبه باللباس المشتمل عليه قال الجعدي:
إذا ما الضجيع ثنى عطفها … تثنت فكانت عليه لباسا
وزاد القاضي لأن كل واحد منهما يستر حال صاحبه ويمنعه من الفجور ونحوه. قال السمرقندي: والجملة استئناف تبين سبب الإحلال وهو قلة الصبر عنهن وصعوبة اجتنابهن لكثرة المخالطة وشدة الملابسة فلذلك رخص في المباشرة (﴿علم الله أنكم كنتم﴾) في موضع رفع خبر لأن (﴿تختانون أنفسكم﴾) تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب (﴿فتاب عليكم﴾) حين تبتم مما ارتكبتم من المحظور (﴿وعفا عنكم﴾) يحتمل أن يريد عن المعصبة بعينها فيكون تأكيدًا وتأنيسًا زيادة على التوبة، ويحتمل أن يريد عفا عما كان يلزمكم من اجتناب النساء بمعنى تركه لكم كما تقول شيء معفو عنه أي متروك (﴿فالآن﴾) أي: فالوقت الذي كان يحرم عليكم فيه الجماع من الليل (﴿باشروهن﴾) أي جامعوهن (﴿وابتغوا ما كتب الله لكما﴾) [البقرة: ١٨٧] أي اطلبوا ما قدره لكم وأثبته في اللوح المحفوظ من الولد، والمعنى أن المباشر ينبغي أن يكون غرضه الولد فإنه الحكمة من خلق الشهوة وشرع النكاح لإقضاء الوطر قاله في أسرار التنزيل كالكشاف. وقال السمرقندي: ابتغوا بالقرآن ما أبيح لكم فيه وأمرتم به وسقط من
قوله: ﴿هن لباس لكم﴾ الخ في رواية أبي ذر وقال بعد قوله: ﴿إلى نسائكم﴾ إلى قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾.
٤٥٠٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضي الله تعالى عنه - لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لَا يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧].
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن موسى العبسي مولاهم الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن البراء) بن عازب. قال المؤلّف: (وحدّثنا) ولأبي ذر وحدّثني بالإفراد (أحمد بن عثمان) بن حكيم الأودي الكوفي قال: (حدّثنا شريح بن مسلمة) بشين معجمة مضمومة وراء مفتوحة آخره حاء مهملة ومسلمة بفتح الميم واللام الكوفي (قال: حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (إبراهيم بن يوسف عن أبيه) يوسف (عن) جده (أبي إسحاق) أنه (قال: سمعت البراء رضي الله تعالى عنه) قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا) أي الصحابة (لا يقربون النساء) أي لا يجامعونهن (رمضان كله) ليلًا ونهارًا. زاد في الصيام عن البراء أيضًا من طريق إسرائيل أنهم كانوا لا يأكلون ولا يشربون إذا ناموا، ومفهوم ذلك أن الأكل والشرب كان مأذونًا فيه ليلًا ما لم يحصل النوم، لكن بقية الأحاديث الواردة في هذا تدل على عدم الفرق فيحمل قوله كانوا لا يقربون النساء على الغالب جمعًا بين الأحاديث (وكان رجال يخونون أنفسهم) فيجامعون ويأكلون ويشربون منهم عمر بن الخطاب وكعب بن مالك وقيس بن صرمة الأنصاري (فأنزل الله تعالى: ﴿علم الله أنّكم كنتم تختانون