توصل فعل أمر من الرضخ بالضاد والخاء المعجمتين وهو العطاء اليسير أي أنفقي من غير إجحاف (ما استطعت) أي ما دمت مستطيعة قادرة على الرضخ.
وفي هذا الحديث التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه أيضًا في الزكاة والهبة، ومسلم في الزكاة، والنسائي فيه وفي عشرة النساء.
٢٣ - باب الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ
هذا (باب) بالتنوين (الصدقة تكفر الخطيئة).
١٤٣٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: "قَالَ عُمَرُ ﵁: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ. قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ، فَكَيْفَ قَالَ؟ قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمَعْرُوفُ -قَالَ سُلَيْمَانُ: قَدْ كَانَ يَقُولُ الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ- قَالَ: لَيْسَ هَذِهِ أُرِيدُ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ: قُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ، بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ. قَالَ: فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ؟ قَالَ قُلْتُ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ: فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا. قَالَ قُلْتُ: أَجَلْ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ. فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ. قَالَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ عُمَرُ ﵁. قَالَ قُلْنَا: فَعَلِمَ عُمَرُ مَنْ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً. وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ".
وبالسند قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة (عن حذيفة) بن اليمان (﵁ قال: قال عمر ﵁: أيكم يحفظ حديث رسول الله ﷺ عن الفتنة؟ قال) حذيفة: (قلت أنا أحفظه كما قال) ﵊ (قال) عمر: (إنك عليه لجريء) بفتح الجيم والمد خبر إن واللام للتأكيد من الجراءة وهي الإقدام على الشيء. قال ابن بطال: أي أنك كثير السؤال عن الفتنة في أيامه ﷺ فأنت اليوم جريء على ذكره عالم به (فكيف قال)؟ حذيفة (قلت): هي (فتنة الرجل في أهله) مما يعرض له معهن من سوء أو حزن أو غير ذلك مما لم يبلغ كبيرة (وولده) بالاشتغال به من فرط المحبة عن كثير من الخيرات (وجاره) بأن يتمنى مثل حاله إن كان متسعًا كل ذلك (تكفرها الصلاة والصدقة والمعروف، قال سليمان) بن مهران الأعمش (قد كان) أبو وائل (يقول) في بعض الأحيان (الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر): بدل قوله والمعروف (قال): عمر لحذيفة ﵄ (ليس هذه) الفتنة (أريد ولكني أريد) الفتنة (التي تموج كموج البحر قال): حذيفة (قلت ليس عليك بها) وللأربعة: منها، أي من الفتنة (يا أمير المؤمنين بأس) بالرفع اسم ليس أي ليس عليك منها شدة (بينك وبينها باب مغلق قال): عمر ﵁ (فيكسر) هذا (الباب أو) وللحموي والمستملي: أم (يفتح؟ قال): حذيفة (قلت لا بل يكسر، قال): عمر (فإنه) أي الباب (إذا كسر لم يغلق أبدًا) أشار به عمر إلى أنه إذا قتل ظهرت الفتن فلا تسكن إلى يوم القيامة وكان كما قال لأنه كان سدًّا وبابًا دون الفتنة فلما قتل كثرت الفتنة وعلم عمر أنه الباب (قال: قلت أجل) أي نعم (قال:) شقيق (فهبنا) بكسر الهاء أي خفنا (أن نسأله) أي نسأل حذيفة وكان مهيبًا (من الباب): أي من المراد بالباب (فقلنا لمسروق: سله) لأنه كان أجرأ على سؤاله لكثرة علمه وعلوّ منزلته (قال: فسأله فقال) الباب (عمر ﵁. قال) شقيق (قلنا: فعلم) أي أفعلم (عمر من تعني؟ قال: نعم كما أن دون غد ليلة) اسم أن ودون خبرها مقدم أي كما يعلم أن الليلة أقرب من الغد ثم علل
ذلك بقوله (وذلك أني حدثته) أي عمر (حديثًا ليس بالأغاليط) لا شبهة فيه. وقد سبق هذا الحديث في أوائل الصلاة في باب الصلاة كفارة.
٢٤ - باب مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ
(باب من تصدق في) حال (الشرك ثم أسلم) هل يعتد بذلك أم لا ظاهر حديث الباب الأوّل.
١٤٣٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ﵁ قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ».
[الحديث ١٤٣٦ - أطرافه في: ٢٢٢٠، ٢٥٣٨، ٥٩٩٢].
وبالسند قال (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف قاضي صنعاء قال: (حدّثنا معمر) هو ابن راشد (عن) ابن شهاب (الزهري عن عروة) بن الزبير (عن حكيم بن حزام) بالزاي المعجمة (﵁ قال: قلت يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني عن حكم (أشياء كنت أتحنث) بالمثلثة. وفي الأدب عند المؤلّف ويقال أيضًا عن أبي اليمان أتحنت بالمثناة، لكن قال القاضي عياض: بالمثلثة أصح رواية ومعنى أتحنث أي أتعبد (بها في الجاهلية) قبل الإسلام (من صدقة أو عتاقة) بالألف قبل الواو وكان أعتق مائة رقبة في الجاهلية وحمل على مائة بعير (وصلة رحم) بغير ألف قبل الواو (فهل) لي (فيها من أجر؟ فقال النبي ﷺ):
(أسلمت على) قبول (ما سلف) لك (من خير). ويؤيد ظاهر هذا الحديث ما رواه الدارقطني في غرائب مالك من حديث أبي سعيد مرفوعًا: إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان زلفها ومحا عنه كل سيئة كان زلفها، وكان عمله