من كل ناحية اثنتان (وقوله وتدبر بثمان يعني أطراف هذه العكن الأربع لأنها محيطة بالجنبين حتى لحقت وإنما قال بثمان) بالتذكير (ولم يقل بثمانية) بالتأنيث (وواحد الأطراف وهو) المميز (ذكر) أي مذكر (لأنه لم يقل بثمانية أطراف) أي لأنه إذا لم يكن المميز مذكورًا جاز في العدد التذكير والتأنيث، والحاصل أنه وصفها بأنها مملوءة البدن بحيث يكون لبطنها عكن من سمنها.
وهذا الحديث مرّ في أواخر كتاب النكاح في باب ما ينهى عن دخول المتشبهين بالنساء.
ولما فرغ المصنف من اللباس شرع يذكر ما له تعلق به من جهة الاشتراك في الزينة وبدأ بالتراجم المتعلقة بالشعور وما أشبهها فقال:
٦٣ - باب قَصِّ الشَّارِبِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدِ، وَيَأْخُذُ هَذَيْنِ يَعْنِي بَيْنَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ
(باب) استحباب (قص الشارب وكان ابن عمر) -رضي الله عنهما- (يحفي) بضم التحتية وسكون المهملة وكسر الفاء يزيل (شاربه حتى ينظر) مضارع مبني للمفعول من النظر (إلى بياض الجلد) لمبالغته في استئصال الشعر.
وهذا وصله الطحاوي (ويأخذ هذين، يعني بين الشارب واللحية) كذا وقع في تفسيره في جامع رزين من طريق نافع عن ابن عمر وعند البيهقي نحوه وقال الكرماني وهذين يعني طرفي الشفتين اللذين هما بين الشارب واللحية وملتقاهما كما هو العادة عند قص الشارب في أن ينظف الزاويتان أيضًا من الشعر قال ويحتمل أن يراد به طرفًا العنفقة ولغير أبي ذر كما في الفرع وغير النسفيّ كما في الفتح، وكان عمر وهو خطأ لأن المعروف عن عمر أنه كان يوفر شاربه.
٥٨٨٨ - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَصْحَابُنَا عَنِ الْمَكِّىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ». [الحديث ٥٨٨٨ - طرفه
في: ٥٨٩٠].
وبه قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) بن بشير الحنظليّ البلخي (عن حنظلة) بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الظاء المعجمة واللام بعدها هاء ابن أبي هانئ سفيان واسمه الأسود بن عبد الرحمن الجمحي القرشي (عن نافع) مولى ابن عمر عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال البخاري بعد تحديثه عن المكي (قال أصحابنا): إنهم رووه (عن المكي) عن حنظلة عن نافع (عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(من الفطرة) أي من السنة القديمة التي اختارها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه (قص الشارب).
٥٨٨٩ - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ الزُّهْرِىُّ: حَدَّثَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً الْفِطْرَةُ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَا، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ. [الحديث ٥٨٨٩ - طرفاه في: ٥٨٩١، ٦٢٩٧].
وبه قال: (حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب: (حدّثنا) أي قال: سفيان حدّثنا الزهري فهو من تقديم الراوي على الصيغة (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (رواية) أي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو كقول الراوي يبلغ به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو كناية عن الرفع (الفطرة خمس أو خمس من الفطرة) بالشك. قال ابن حجر: وهو من سفيان، ورواه أحمد خمس من الفطرة بغير شك وقوله خمس
صفة موصوف محذوف أي خصال خمس ثم فسرها أو على الإضافة أي خمس خصال أو الجملة خبر مبتدأ محذوف أي الذي شرع لكم خمس من الفطرة.
أولها (الختان) بكسر الخاء المعجمة بعدها فوقية وهو قطع القلفة التي تغطي الحشفة من الرجل، وقطع بعض الجلدة التي في أعلى الفرج من المرأة كالنواة أو كعرف الديك ويسمى ختان الرجل إعذارًا بالعين المهملة والذال المعجمة، وختان المرأة خفضًا بالخاء والضاد المعجمتين بينهما فاء.
(و) ثانيها (الاستحداد) وهو استعمال الموسى في حلق العانة كما وقع التصريح به في رواية النسائي. قال النووي: والمراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذا الشعر الذي حوالى فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حوالى حلقة الدبر. قال أبو شامة: ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر بل هو عن الدبر أولى خوفًا من أن يتعلق به شيء من الغائط فلا يزيله المستنجي إلاّ بالماء ولا يتمكن من إزالته بالاستجمار.
(و) ثالثها (نتف الإبط) بكسر الهمزة وسكون الموحدة يبدأ باليمين استحبابًا ويتأدّى أصل السُّنَّة بالحلق لا سيما من يؤله النتف. قال ابن دقيق العيد: من نظر إلى اللفظ وقف مع النتف ومن