للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنهم كانوا يتنازعون في كراء الأرض حتى أفضى بهم إلى التقاتل بسبب كون الخراج واجبًا لأحدهما على صاحبه فرأى أن المنحة خير لهم من المزارعة التي توقع بينهم مثل ذلك. وفي الطحاوي التصريح بعلة النهي ولفظه عن زيد بن ثابت أنه قال: يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله كنت أعلم منه بالحديث إنما جاء رجلان من الأنصار إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد اقتتلا فقال: إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع فسمع قوله لا تكروا المزارع. قال الطحاوي: فهذا زيد بن ثابت يخبر أن

قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تكروا المزارع النهي الذي قد سمعه رافع لم يكن من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على وجه التحريم وإنما كان لكراهية وقوع الشر بينهم.

وهذا الحديث قد سبق في باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة.

٢٣٤٣ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ". [الحديث ٢٣٤٣ - طرفه في: ٢٣٤٥].

وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بمعجمة فمهملة قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن أيوب) السختياني (عن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يكري) بضم أوّله من أكرى أرضه يكريها (مزارعه) بفتح الميم (على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر وعمر وعثمان) أيام خلافتهم (وصدرًا من إمارة معاوية) بكسر الهمزة ولم يقل خلافته لأنه أي ابن عمر كان لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس ومعاوية لم يجتمع عليه الناس، ولذا لم يبايع لابن الزبير ولا لعبد الملك في حال اختلافهما ولم يذكر علي بن أبي طالب فيحتمل أن يكون لأنه لم يزرع في أيامه.

٢٣٤٤ - ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا عَلَى الأَرْبِعَاءِ وَبِشَىْءٍ مِنَ التِّبْنِ".

(ثم حدّث) بضم الحاء المهملة وتشديد الدال المكسورة ابن عمر (عن رافع بن خديج) وللكشميهني: ثم حدّث رافع بن خديج بفتح أول حدث وحذف عن (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن كراء المزارع فذهب ابن عمر) -رضي الله عنهما- (إلى رافع) قال نافع (فذهبت معه) أي مع ابن عمر (فسأله) أي فسأل ابن عمر رافعًا (فقال) رافع (نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن كراء المزارع فقال ابن عمر: قد علمت) يا رافع (أنّا كنّا نكري مزارعنا على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما) ينبت (على الأربعاء) بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الموحدة ممدودًا جمع ربيع وهو النهر الصغير (وبشيء من التبن) بالموحدة الساكنة وحاصل حديث ابن عمر هذا أنه ينكر على رافع إطلاقه في النهي عن كراء الأراضي، ويقول الذي نهى عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي كانوا يدخلون فيه الشرط الفاسد وهو أنهم يشترطون ما على الأربعاء وطائفة من التبن وهو مجهول، وقد يسلم هذا ويصيب غيره آفة أو بالعكس فتقع المزارعة ويبقى المزارع أو رب الأرض بلا شيء.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن رافع بن خديج لما روى النهي عن كراء المزارع يلزم منه عادة أن أصحاب الأرض إنما يزرعون بأنفسهم أو يمنحون بها لمن يزرع من غير بدل فتحصل فيه المواساة.

٢٣٤٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى. ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ".

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة ونسبه لجدّه لشهرته واسم أبيه عبد الله المخزومي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم أن) أباه (عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنت أعلم في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الأرض تكرى) بضم أوّله وفتح الراء (ثم خشي عبد الله) بن عمر (أن يكون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أحدث في ذلك شيئًا لم يكن يعلمه) ولأبي ذر: علمه أي حكم بما هو ناسخ لما كان يعلمه من جواز الكراء (فترك كراء الأرض).

وهذا الحديث ساقه هنا مختصرًا، وقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق شعيب بن الليث عن أبيه مطوّلاً وأوّله أن عبد الله كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج ينهى عن كراء الأرض فلقيه فقال: يا ابن خديج ما هذا؟ قال: سمعت عميّ وكانا قد شهدا بدرًا يحدثان أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن كراء الأرض فقال عبد الله قد كنت أعلم فذكره، وقد احتج بهذا من كره إجارة الأرض بجزء مما يخرج منها وقد مرّ قريبًا.

١٩ - باب كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الأَرْضَ الْبَيْضَاءَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ.

(باب) جواز (كراء الأرض بالذهب والفضة. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>