(عن عمه ظهير بن رافع) بضم الظاء المعجمة مصغرًا (قال ظهير: لقد نهانا رسول الله ﷺ عن أمر كان بنا رافقًا) أي ذا رفق وانتصابه على أنه خبر كان واسمها الضمير الذي في كان قال رافع (قلت) لظهير (ما قال رسول الله ﷺ فهو حق) لأنه ما ينطق عن الهوى (قال: دعاني رسول الله ﷺ) أي فلما أتيته (قال):
(ما تصنعون بمحاقلكم)؟ بفتح الميم والحاء المهملة بمزارعكم. قال ظهير: (قلت نؤاجرها على الربع) بضم الراء والموحدة وتسكن، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: على الربيع بضم الراء وفتح الموحدة وسكون التحتية تصغير الربع، وفي رواية على الربيع بفتح الراء وكسر الموحدة وهو النهر الصغير أي على الزرع الذي هو عليه، والمعنى أنهم كانوا يكرون الأرض ويشترطون لأنفسهم ما ينبت على النهر (وعلى الأوسق من التمر والشعير) والواو بمعنى أو (قال) ﵊: (لا تفعلوا) وهذه صيغة النهي المذكور أول الحديث حيث قال لقد نهانا (ازرعوها) أنتم بهمزة وصل تكسر وبفتح الراء (أو أزرعوها) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء أي أعطوها لغيركم يزرعها بغير أجرة (أو أمسكوها) بهمزة قطع مفتوحة وكسر السين أي اتركوها معطلة وأو للتخيير لا للشك. (قال رافع: قلت سمعًا وطاعة) نصب بتقدير أسمع كلامك سمعًا وأطيعك طاعة ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف تقديره أي كلامك وأمرك سمع أي مسموع وفيه مبالغة وكذلك طاعة يعنى مطاع أو أنت مطاع فيما تأمر به.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في البيوع والنسائي في المزارعة وابن ماجة في الأحكام.
٢٣٤٠ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: "كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ".
[الحديث ٢٣٤٠ - طرفه في: ٢٦٣٢].
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بالتصغير (ابن موسى) أبو محمد العبسي الكوفي قال: (أخبرنا الأوزاعي) عبد الرحمن (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري (﵁) والظاهر أن الأوزاعي كان يرويه عن أبي النجاشي عطاء وعن عطاء بن أبي رباح كل واحد منهما بسنده أنه (قال: كانوا) أي الصحابة في عصر النبي ﷺ (يزرعونها) أي الأرض وسقط لغير أبي ذر النون قبل الهاء من يزرعونها (بالثلث والربع والنصف) بما يخرج منها والواو في الموضعين بمعنى أو (فقال النبي ﷺ):
(من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها) بفتح النون أي يجعلها منيحة أي عطية وهذه مفسرة لقوله في الحديث السابق: أو ازرعوها. ولمسلم: من كانت له أرض فليزرعها فإن عجز عنها فليمنحها أخاه المسلم ولا يؤاجرها (فإن لم يفعل فليمسك أرضه).
٢٣٤١ - وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ».
(قال الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة (ابن نافع أبو توبة) بفتح الفوقية والموحدة بينهما واو ساكنة الحافظ الثقة وكان يعدّ من الإبدال وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطلاق وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين فيما وصله مسلم: (حدّثنا معاوية) بن سلام بتشديد اللام (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه) المسلم (فإن أبى) قبولها (فليمسك أرضه) وزاد في هذه أخاه كرواية جابر في باب فضل المنيحة.
٢٣٤٢ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ فَقَالَ يُزْرِعُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: "إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ: أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا".
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وفتح الصاد المهملة ابن عقبة الكوفي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عمرو) هو ابن دينار أنه (قال ذكرته) أي حديث رافع بن خديج المذكور آنفًا (لطاوس فقال) طاوس: (يزرع) بضم أوله وكسر ثالثه من الإزراع أي يزرع غيره بالكراء (قال ابن عباس ﵄) تعليل من جهة طاوس لقوله يزرع (إن النبي ﷺ لم ينه عنه) أي لم يحرّمه وصرّح بذلك الترمذي ولفظه عن ابن عباس أن النبي ﷺ لم يحرّم المزارعة (ولكن قال):
(أن يمنح) بفتح الهمزة ونصب يمنح ولأبي ذر أن يمنح بكسر الهمزة على أن إن شرطية ويمنح مجزوم بها أي يعطي (أحدكم أخاه) المسلم أرضه ليزرعها (خير له من أن يأخذ) أي من أخذه (شيئًا معلومًا)