للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صاحب اللامع وفي بعض النسخ تقديم ذلك على قوله، وقال الليث: ويعزى ذلك لرواية الحموي، ولكن الصواب أن يكون مؤخرًا، فإن البخاري لم يخرج عن عبد الله بن صالح كاتب الليث في الجامع مسندًا ولا حرفًا بل ولا مسلم إلا أن البخاري استشهد به في مواضع، وهذا معنى قول أبي ذر أن كل ما قاله البخاري عن الليث فإنما سمعه من عبد الله بن صالح كاتب الليث في الاستشهاد انتهى.

ووجه تعلقه بالترجمة ظاهر من جهة أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما ينسخه لا سيما إذا ذكره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقررًا له أو في سياق الثناء على فاعله وما أشبه ذلك، ويحتمل أن يكون مراد المؤلّف بإيراد هذا أن ركوب البحر لم يزل متعارفًا مألوفًا من قديم الزمان فيحمل على أصل الإباحة حتى يرد دليل على المنع والحديث يأتي إن شاء الله تعالى في الكفالة والاستقراض واللقطة والشروط والاستئذان، وأخرجه النسائي في اللقطة.

١١ - باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: ١١] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: ٣٧].

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْقَوْمُ يَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ.

هذا (باب) بالتنوين ({وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}) [الجمعة: ١١] (وقوله جلّ ذكره: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}) [النور: ٣٧].

(وقال قتادة: كان القوم) أي الصحابة (يتجرون ولكنهم كانوا إذا نابهم حق من حقوق الله) عز وجل (لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتى يؤدوه إلى الله) كذا وقع ذلك كله معاذًا في رواية المستملي وحده وسقط لغيره قال الحافظ ابن حجر: إلا النسفيّ فإنه ذكره هنا وحذفه فيما سبق انتهى، وسقط عند المستملي في رواية أبي ذر لفظ "رجال" وعن أبي ذر سقوط قوله "عن ذكر الله" وهذا التعليق قد سبق في باب التجارة في البرّ أنه لم يقف عليه موصولاً مع ما فيه.

٢٠٦٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَاّ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} ".

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولابن عساكر: حدّثنا (محمد) هو ابن سلام البيكندي (قال:

حدّثني) بالإفراد من التحديث ولابن عساكر: أخبرنا بالجمع من الإخبار (محمد بن فضيل) مصغرًا ابن غزوان الضبي الكوفي (عن حصين) مصغرًا ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي (عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة الكوفي (عن جابر -رضي الله عنه- قال: أقبلت -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نصلي مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجمعة) أي ننتظرها (فانفض الناس) أي فتفرقوا (إلا اثني عشر رجلاً) بنصب اثني بالياء على الاستثناء (فنزلت هذه الآية {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًا}) [الجمعة: ١١] أي في الخطبة.

وهذا الحديث قد سبق في باب التجارة في البر وذكر هنا لكن بتخالف لبعض المتن والسند.

١٢ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧]

(باب) تفسير (قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة: ٢٦٧] أي من خلاله أو جياده وعن مجاهد المراد به التجارة، ولأبي الوقت: كلوا بدل أنفقوا. قال ابن بطال: وهو غلط وأفاد في فتح الباري أنه رأى ذلك في رواية النسفيّ.

٢٠٦٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا».

وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) أخو أبي بكر (قال: حدّثنا جرير) بفتح الجيم وكسر الراء ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) بالهمز شقيق (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(إذا أنفقت المرأة) على عيال زوجها وأضيافه ونحوهم (من طعام) زوجها الذي في (بيتها) المتصرفة فيه إذا أذن لها في ذلك بالصريح أو بالمفهوم أو علمت رضاه بذلك حال كونها (غير مفسدة) له بأن لم تتجاوز العادة (كان لها) أي للمرأة وأفاد الزركشي أن قوله وكان ثبت بالواو فيحتمل زيادتها ولهذا روي بإسقاطها انتهى، والذي في الفرع وغيره كان بحذف الواو. وقال في المصابيح: لم تثبت زيادة الواو في جواب إذا فالذي ينبغي أن يجعل الجواب محذوفًا والواو عاطفة على المعهود فيها محافظة على إبقاء القواعد وعدم الخروج عنها أي لم تأثم وكان لها (أجرها بما أنفقت) غير مفسدة (ولزوجها) زاد في باب: من أمر خادمه بالصدقة أجره (بما كسب) أي بسبب كسبه وهذا موضع الترجمة (وللخازن) الذي يحفظ الطعام المتصدق منه (مثل ذلك) من الأجر (لا ينقص) بفتح أوله وضم ثالثه (بعضهم أجر بعض) أي من أجر بعض (شيئًا) بالنصب مفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>