قالت: أخاف الله رب العالمين، فقلت: خفتيه في الشّدة ولم أخفه في الرخاء.
وفي حديث ابن أبي أوفى عند الطبراني فما جلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار (فقمت) عنها من غير فعل (وتركت المائة دينار) ولأبي ذر وتركت المائة الدينار (فإن كنت تعلم) أن
عملي مقبول (وأني فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنا) ما نحن فيه (ففرج الله عنهم فخرجوا) من الغار يمشون.
فإن قلت: أي الثلاثة أفضل؟ أجيب: صاحب المرأة لأنه اجتمع فيه الخشية وقد قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} [النازعات: ٤٠] قال الغزالي: شهوة الفرج أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على الفعل فمن ترك الزنا خوفًا من الله تعالى مع القدرة وارتفاع الموانع وتيسر الأسباب سيما عند صدق الشهوة نال درجة الصديقين.
وهذا الحديث سبق في باب: من استأجر أجيرًا فترك أجره عن سالم، وفي باب إذا اشترى شيئًا لغيره عن موسى بن عقبة عن نافع، وفي باب إذا زرع بمال قوم عن موسى بن عقبة أيضًا ولم يخرجه إلا من رواية ابن عمر، ورواه الطبراني عن أنس وابن حبان عن أبي هريرة، وأحمد عن النعمان بن بشير، والطبراني عن علي وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاصي وعبد الله بن أبي أوفى، واتفقوا على أن القصص الثلاثة في الأجير والمرأة والأبوين إلا حديث عقبة بن عامر ففيه بدل الأجير أن الثالث قال: كنت في غنم أرعاها فحضرت الصلاة فقمت أصلي فجاء الذئب فدخل الغنم فكرهت أن أقطع صلاتي فصبرت حتى فرغت، واختلافهم في التقديم والتأخير يفيد جواز الرواية بالمعنى.
[٥٤ - باب]
هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة فهو كالفصل من سابقه.
٣٤٦٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «بَيْنَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهْيَ تُرْضِعُهُ فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتِ ابْنِي حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْيِ. وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا. فَقَالَ: أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا: تَزْنِي، وَتَقُولُ: حَسْبِي اللَّهُ. وَيَقُولُونَ: تَسْرِقُ، وَتَقُولُ حَسْبِي اللَّهُ».
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن عبد الرَّحمن) بن هرمز الأعرج أنه (حدثه أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(بينا) بغير ميم (امرأة) لم تسم (ترضع ابنها) لم يسم، وزاد في باب: واذكر في الكتاب مريم من بني إسرائيل (إذ مرّ بها) رجل (راكب) لم يسم (وهي ترضعه فقالت: اللهم لا تمت ابني)
هذا (حتى يكون مثل هذا) الراكب في هيئته الحسنة (فقال) الطفل: (اللهم لا تجعلني مثله ثم رجع في الثدي) يمصه (ومر) بضم الميم مبنيًّا للمفعول (بامرأة) لم تسم (تجرّر) بضم الفوقية وفتح الجيم والراء المشددة بعدها راء ثانية (ويلعب بها) بضم الياء وسكون اللام وفتح العين وزاد أحمد من رواية وهب بن جرير وتضرب (فقالت) أم الطفل: (اللهم لا تجعل ابني مثلها) سقط فقالت الخ لأبي ذر (فقال) الطفل: (اللهم اجعلني مثلها) زاد في باب: واذكر في الكتاب مريم فقالت يعني الأم للابن لم ذاك (فقال) الطفل: (أما الراكب فإنه كافر) وفي الباب المذكور جبار من الجبابرة (وأما المرأة فإنهم يقولون لها تزني) زاد في الباب: ولم تفعل واللام في لها تحتمل كما قاله في المصابيح أن تكون بمعنى عن كما قاله ابن الحاجب في قوله تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرًا ما سبقونا إليه} [الأحقاف: ١١] ويحتمل أن تجعل لام التبليغ كما قيل به في الآية ردًّا على ابن الحاجب والتفت عن الخطاب إلى الغيبة فقال: سبقونا ولم يقل سبقتمونا. وكذا في الحديث التفت عن الخطاب فلم يقل تزنين وسلك الغيبة فقال: تزني أي هي تزني (وتقول).
أي والحال أنها تقول (حسبي الله ويقولون تسرق) ولم تفعل (و) الحال أنها (تقول حسبي الله).
وهذا الحديث سبق قريبًا.
٣٤٦٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ». [الحديث ٣٤٦٧ - طرفه في: ٣٣٢١].
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن تليد) هو سعيد بكسر العين ابن عيسى بن تليد بفتح المثناة الفوقية وكسر اللام وسكون التحتية بعدها دال مهملة المصري قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري (قال: أخبرني) بالإفراد (جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي ابن زيد بن عبد الله المصري (عن أيوب) السختياني (عن محمد بن سيرين) الأنصاري (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):