١٣ - باب ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: ٣١]
(باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾) [النور: ٣١] يعني يلقين فلذلك عداه بعلى والخمر جمع خمار وفي القلة يجمع على أخمرة والجيب ما في طوق القميص يبدو منه بعض الجسد.
٤٧٥٨ - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ.
[الحديث ٤٧٥٨ - طرفه في: ٤٧٥٩].
(قال أحمد بن شبيب) بفتح المعجمة وكسر الموحدة الأولى بينهما تحتية ساكنة شيخ المؤلّف مما وصله ابن المنذر قال: (حدّثنا أبي) شبيب بن سعيد (عن يونس) بن يزيد الأيلي أنه قال: (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول) بضم الهمزة وفتح الواو أي السابقات (لما أنزل الله) تعالى: (﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾) وجواب لما قوله: (شققن مروطهن) جمع مرط بكسر الميم أي أزرهن (فاختمرن به) أي بما شققن ولأبي الوقت بها أي الأزر المشقوقة وكن في الجاهلية يسدلن خمرهن من خلفهن فتنكشف نحورهن وقلائدهن من جيوبهن، فأمرن أن يضربنهن على الجيوب ليسترن أعناقهن ونحورهن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع.
٤٧٥٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ كَانَتْ تَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا.
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا إبراهيم بن نافع) المخزومي المكي (عن الحسن بن مسلم) واسم جده يناق بفتح التحتية وتشديد النون وبعد الألف قاف المكي وثبت ابن مسلم لأبي ذر (عن صفية بنت شيبة) بن عثمان القرشية المكية (أن عائشة ﵂ كانت تقول لما نزلت هذه الآية: (﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾) أخذن (أزرهن) وللنسائي من رواية ابن المبارك عن إبراهيم بلفظ أخذ النساء وللحاكم أخذ نساء الأنصار أزرهن (فشققنها من قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهة (الحواشي فاختمرن بها). واستشكل ذكر نساء المهاجرات في الأولى ونساء الأنصار في رواية الحاكم وغيره. وأجيب: باحتمال أن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك عند نزول الآية، والله ﷾ أعلم.
[٢٥] سورة الْفُرْقَانِ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ مَا تَسْفِي
بِهِ الرِّيحُ. ﴿مَدَّ الظِّلَّ﴾: مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. ﴿سَاكِنًا﴾ دَائِمًا. ﴿عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾: طُلُوعُ الشَّمْسِ ﴿خِلْفَةً﴾: مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: ﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا﴾ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿ثُبُورًا﴾: وَيْلًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿السَّعِيرُ﴾، مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالاِضْطِرَامُ: التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ. ﴿تُمْلَى عَلَيْهِ﴾ تُقْرَأُ عَلَيْهِ، مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ. ﴿الرَّسُّ﴾: الْمَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ. ﴿مَا يَعْبَأُ﴾ يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا: لَا يُعْتَدُّ بِهِ. ﴿غَرَامًا﴾: هَلَاكًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿وَعَتَوْا﴾ طَغَوْا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ﴿عَاتِيَةٍ﴾: عَتَتْ عَنِ الْخُزَّانِ.
[[٢٥] سورة الفرقان]
مكية وآيها سبع وسبعون آية والفرقان الفارق بين الحلال والحرام الذي جمعت منافعه وعمت فوائده.
(بسم الله الرحمن الرحيم) ثبتت البسملة لأبي ذر.
(قال) ولأبي ذر وقال (ابن عباس) ﵄ فيما وصله ابن جرير في قوله: (﴿هباء منثورًا﴾) هو (ما تسفي به الريح). وتذريه من التراب والهباء والهبوة التراب الدتيق قاله ابن عرفة. وقال الخليل والزجاج: هو مثل الغبار الداخل في الكوة يتراءى مع ضوء الشمس فلا يمس بالأيدي ولا يرى في الظل ومنثورًا صفته شبه به عملهم المحيط في حقارته وعدم نفعه ثم بالمنثور منه في انتشاره بحيث لا يمكن نظمه فجيء بهذه الصفة لتفيد ذلك. وقال الزمخشري: أو مفعول ثالث لجعلناه لم جعلناه جامعًا لحقارة الهباء والتناثر كقوله: ﴿كونوا قردة خاسئين﴾ [البقرة: ٦٥] أي جامعين للمسخ والخسء وسقط للأصيلي لفظ به من قوله تسفي به الريح.
(﴿مد الظل﴾) في قوله تعالى: ﴿ألم تر إلى ربك كيف مد الظل﴾ [الفرقان: ٤٥] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم عنه هو (ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) قال في الأنوار وهو أطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الجوّ ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال ﴿وظل ممدود﴾. اهـ.
والظل عبارة عن عدم الضوء مما من شأنه أن يضيء وجعله ممدودًا لأنه ظل لا شمس معه واعترضه ابن عطية بأنه خصوصية لهذا الوقت بذلك بل من قبل غروب الشمس مدة يسيرة يبقى فيها ظل ممدود مع أنه في نهار وفي سائر أوقات النهار ظلال متقطعة. وأجيب: بأنه ذكر تفسير الخصوص الآية لأن في بقيتها ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا فتعين الوقت الذي بعد طلوع الفجر
واعترض ابن عطية أيضًا بأن الظل إنما يقال لما يقع بالنهار، والظل الموجود في هذا الوقت من بقايا الليل. وأجيب: بالحمل على المجاز والرؤية هنا بصرية أو قلبية واختاره الزجاج