هذه المنافع الدالّة على قدرة خالقهما لا جرم أقسم الله بهما، وعن ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم مسجد نوح الذي بني على الجودي، وقيل التين مسجد أصحاب الكهف والزيتون مسجد إيلياء.
(يقال: ﴿فما يكذبك﴾) أي (فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم) يجُازون بها ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يدالون باللام بدل النون والأول هو الصواب (كأنه قال: ومن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب) زاد الفراء بعد ما تبين له كيفية خلقه وما استفهامية في محل رفع بالابتداء والخبر الفعل بعدها والمخاطب الرسول وقيل الإنسان على طريقة الالتفات.
[١ - باب]
٤٩٥٢ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ. أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. ﴿تَقْوِيمٍ﴾: الْخَلْقِ.
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) البرساني قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال أخبرني) بالإفراد (عدي) هو ابن ثابت (قال: سمعت البراء) بن عازب (﵁ أن النبي ﷺ كان في سفر فقرأ في) صلاة (العشاء في إحدى الركعتين) في النسائي في الركعة الأولى (بالتين والزيتون) وفي كتاب الصحابة لابن السكن في ترجمة ورقة بن خليفة رجل من أهل اليمامة أنه
قال: سمعنا بالنبي ﷺ فأتيناه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا وأسهم لنا وقرأ في الصلاة بالتين والزيتون إنا أنزلناه في ليلة القدر. قال في الفتح: فيمكن إن كانت في الصلاة التي عين البراء بن عازب أنها العشاء أن يقال قرأ في الأولى بالتين وفي الثانية بالقدر.
(﴿تقويم﴾) قال مجاهد (الخلق) بفتح الخاء وسكون اللام يعني أنه خص الإنسان بانتصاب القامة وحسن الصورة وكل حيوان منكب على وجهه وقوله في أحسن تقويم صفة لمحذوف أي في تقويم أحسن تقويم وسقط لأبي ذر تقويم الخلق.
[٩٦] سورة ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿نَادِيَهُ﴾: عَشِيرَتَهُ. ﴿الزَّبَانِيَةَ﴾: الْمَلَائِكَةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ ﴿الرُّجْعَى﴾: الْمَرْجِعُ. ﴿لَنَسْفَعَنْ﴾: لَنَأْخُذَنْ. ﴿وَلَنَسْفَعَنْ﴾: بِالنُّونِ وَهْيَ الْخَفِيفَةُ. ﴿سَفَعْتُ﴾ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ.
([٩٦] سورة ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾)
مكية وآيها تسع عشرة.
وقولها (﴿اقرأ باسم ربك﴾) أي اقرأ القرآن مفتتحًا باسمه مستعينًا به وسقط لفظ سورة لغير أبي ذر.
(وقال) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حدّثنا (فتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن يحيى بن عتيق) الطفاوي بضم الطاء وبالفاء (عن الحسن) البصري (قال: اكتب في المصحف في أوّل الإمام) أول القرآن الذي هو الفاتحة (بسم الله الرحمن الرحيم) فقط (واجعل بين السورتين خطًّا) يكون علامة فاصلة بينهما من غير بسملة وهو مذهب حمزة حيث قرأ بالبسملة أول الفاتحة فقط.
(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي (﴿ناديه﴾) أي (عشيرته) فليستنصر بهم وأصل النادي المجلس الذي يجمع الناس ولا يسمى ناديًا ما لم يكن فيه أهله.
(﴿الزبانية﴾) أي (الملائكة) وسموا بذلك لأنهم يدفعون أهل النار إليها بشدّة مأخوذ من الزبن وهو الدفع (وقال معمر) أبو عبيدة (﴿الرجعى﴾) هي (المرجع) في الآخرة وفيه تهديد لهذا الإنسان من عاقبة الطغيان وسقط معمر لغير أبي ذر وحينئذٍ فيكون من قول مجاهد والأول أوجه لوجوده عن أبي عبيد (﴿لنسفعن﴾) أي (لنأخذن) بناصيته فلنجرنه إلى النار ولغير أبي ذر قال لنأخذن (﴿ولنسفعن﴾ بالنون وهي الخفيفة) وفي رسم المصحف بالألف (سفعت بيده) بفتح السين والفاء وسكون العين أي (أخذت) قاله أبو عبيدة أيضًا.
[١ - باب]
هذا (باب) بالتنوين بدون ترجمة وهو ثابت لأبي ذر.
٤٩٥٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ. قَالَ: وَالتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ. اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ. قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجُهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيِةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ١ - ٥]». فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ. حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. قَالَ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»؟ فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ. وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ، مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا. لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا ذَكَرَ حَرْفًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ»؟ قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ أُوذِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) القرشي المصري ونسبه لجده لشهرته به واسم أبيه عبد الله وسقط ابن بكير لغير أبي ذر قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام المصري (عن عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد (عن ابن شهاب) الزهري قال المؤلّف:
(وحدّثني) بالإفراد وسقطت الواو لغير أبي ذر (سعيد بن مروان) بكسر العين أبو عثمان البغدادي نزيل نيسابور قال: (حدّثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة) بكسر الراء وسكون الزاي قال: (أخبرنا أبو صالح) سليمان ولقبه (سلمويه) بفتح السين المهملة