في الفرع وأصله تنقزان أيضًا بضم حرف المضارعة وكسر القاف من أنقز فعداه بالهمزة فيصح على هذا نصب القرب، وللكشميهني تنقلان باللام بدل الزاي، وفي المصابيح أن القرب مفعول باسم فاعل منصوب على الحال محذوف أي تنقزان جاعلتين القرب (على متونهما) ظهورهما (تفرغانه) بضم حرف المضارعة أي الماء (في أفواه القوم) من المسلمين (ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانها) كذا في الفرع بالتأنيث وفي أصله تفرغانه (في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة) بتثنية يدي ولأبي ذر: من يد بالإفراد (إما مرتين وإما ثلاثًا) زاد مسلم في روايته من النعاس.
وعند المؤلّف في المغازي في باب إذ تصعدون عن أبي طلحة أنه قال: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أُحد حتى سقط سيفي من يدي مرارًا يسقط وآخذه ويسقط وآخذه.
ورجال حديث الباب كلهم بصريون، وسبق في الجهاد، وذكره أيضًا في غزوة أُحد.
١٩ - باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ -رضي الله عنه-
(باب مناقب عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام ابن الحرث الإسرائيلي ثم الأنصاري كان
حليفًا لهم من بني قينقاع، وهو من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وكان اسمه في الجاهلية الحصين فسماه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين أسلم عبد الله، وكان إسلامه لما قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة مهاجرًا. وفي الترمذي أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إنه عاشر عشرة في الجنة" وتوفي عبد الله سنة ثلاث وأربعين (-رضي الله عنه-) وسقط لفظ باب لأبي ذر.
٣٨١٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلَاّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ على مثله} [الأحقاف: ١٠] الآيَةَ. قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ مَالِكٌ الآيَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: سمعت مالكًا) إمام دار الهجرة (يحدث عن أبي النضر) بالضاد المعجمة سالم بن أبي أمية (مولى عمر بن عبيد الله) بضم العين فيهما التيمي المدني (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه) سعد أحد العشرة المبشرة بالجنة أنه (قال):
(ما سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول لأحد يمشي على الأرض) الآن بعد موت العشرة المبشرة الذين منهم سعد بن أبي وقاص (أنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام). وقوله: يمشي على الأرض صفة مؤكدة لأحد كما في قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض} [الأنعام: ٣٨، وهود: ٦] لمزيد التعميم والإحاطة، لكن استشكل بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لجماعة: إنهم من أهل الجنة غير ابن سلام، ويبعد أن لا يطلع سعد على ذلك. وما أجيب به: بأنه كره تزكية نفسه لأنه أحد المبشرين بذلك متعقب بأنه لا يستلزم أن ينفي سماعه مثل ذلك في حق غيره، وما سبق من التقدير بالآن بعد موت العشرة إلى آخره مما أجاب به في الفتح وأيّده برواية الدارقطني من طريق إسحاق بن الطباع عن مالك: ما سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول لحي يمشي إنه من أهل الجنة. وبما عنده من طريق عاصم بن مهجع عن مالك لرجل حي ينفي الاستشكال، لكنه يعكر عليه ما عند الدارقطني من طريق سعيد بن داود عن مالك بلفظ سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لا أقول لأحد من الأحياء أنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام" وبلغني أنه قال: "وسلمان الفارسي" لكن قال الحافظ ابن حجر: أن هذا لسياق منكر اهـ.
وأجاب النووي: بأن سعدًا قال: ما سمعت ونفى سماعه ذلك لا يدل على نفي البشارة لغيره وإذا اجتمع النفي والإثبات فالإثبات مقدم عليه اهـ. وقال الكرماني: لفظ ما سمعت لم ينف أصل الأخبار بالجنة لغيره.
(قال) سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: (وفيه) في عبد الله بن سلام (نزلت هذه الآية
{وشهد شاهد من بني إسرائيل} [الأحقاف: ١٠] زاد أبو ذر على مثله (الآية) كذا قال الجمهور أن الشاهد هو عبد الله بن سلام، وعورض بأن ابن سلام إنما أسلم بالمدينة والأحقاف مكية، وأجيب: بأنها مكية إلا قوله: وشهد شاهد إلى آخر الآيتين، ومعنى الآية أخبروني ماذا تقولون إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به أيها المشركون وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله، والمثل صلة يعني عليه أي على أنه من عند الله فآمن الشاهد واستكبرتم عن الإيمان به، وقيل الشاهد التوراة ومثل القرآن هو التوراة فشهد موسى على