التوراة ومحمد على الفرقان، فكل واحد يصدق الآخر لأن التوراة مشتملة على البشارة بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والقرآن مصدق للتوراة.
(قال) أي عبد الله بن يوسف التنيسي: (لا أدري. قال مالك): الإمام (الآية) أي نزولها في هذه القصة من قبل نفسه (أو في) إسناد هذا (الحديث). وعند ابن منده في الإيمان من طريق إسحاق بن يسار عن عبد الله بن يوسف الحديث والزيادة وفيه قال إسحاق: فقلت لعبد الله بن يوسف إن أبا مسهر حدّثنا بهذا عن مالك ولم يذكر هذه الزيادة فقال عبد الله بن يوسف: إن مالكًا تكلم به عقب الحديث وكانت معي ألواحي فكتبت، فلذا قال: لا أدري إلخ.
وقد أخرج الإسماعيلي والدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي مسهر وعاصم بن مهجع وعبد الله بن وهب وغيرهم كلهم عن مالك بدون هذه الزيادة، فالظاهر أنها مدرجة من هذا الوجه. وعند الدارقطني من رواية ابن وهب التصريح بأنها من قول مالك. نعم عند ابن مردويه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وعند الترمذي من حديث ابن سلام نفسه، وعند ابن حبان من حديث عوف أنها نزلت في عبد الله بن سلام قاله في الفتح.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا أزهر) بفتح الهمزة وسكون الزاي وفتح الهاء ابن سعد الباهلي مولاهم (السمان) بتشديد الميم البصري المتوفى سنة ثلاث ومائتين (عن ابن عون) عبد الله واسم جده أرطبان البصري (عن محمد) هو ابن سيرين (عن قيس بن عباد) بضم العين وتخفيف الموحدة البصري قتله الحجاج صبرًا أنه (قال: كنت جالسًا في مسجد المدينة) النبوية مع بعض الصحابة (فدخل رجل) هو ابن سلام كما يأتي قريبًا (على وجهه أثر الخشوع فقالوا): لما بلغهم من حديث سعد السابق (هذا رجل من أهل الجنة فصلّى) الرجل (ركعتين تجوز فيهما) بفتح الفوقية والجيم والواو المشددة بعدها زاي خففهما (ثم خرج) من المسجد (وتبعته فقلت) له: (إنك حين دخلت المسجد قالوا): أي الحاضرون فيك عنك (هذا رجل من أهل الجنة. قال) ابن سلام منكرًا عليهم قطعهم بالجنة له (والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم) ولعله لم يبلغه خبر سعد أو بلغه ذلك وكره الثناء عليه بذلك تواضعًا وإيثارًا للخمول وكراهة للشهرة. (وسأحدثك) بالواو ولأبي ذر فسأحدثك (لم ذاك) الإنكار الصادر مني عليهم وهو أني (رأيت رؤيا على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقصصتها عليه و) هي أني (رأيت كأني في روضة ذكر) ابن سلام الرائي (من سعتها) بفتح السين (وخضرتها وسطها) بسكون السين (عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة) بضم العين وسكون الراء المهملتين وفتح الواو (فقيل له): ولأبي ذر لي (ارقه) بهاء السكت ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ارق بإسقاطها (قلت): ولأبي ذر فقلت (لا أستطيع) أن أرقاه (فأتاني منصف) بكسر الميم وسكون النون وفتح الصاد المهملة وبعدها فاء، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: منصف بفتح الميم وكسر الصاد، والأول أشهر أي خادم (فرفع ثيابي من خلفي فرقيت) بكسر القاف (حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فقيل لي استمسك) بها (فاستيقظت) من منامي (و) الحال (أنها) أي العروة (لفي يدي) قبل أن أتركها وليس المراد أنه استيقظ وهي في يده وإن كانت القدرة صالحة لذلك (فقصصتها على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): ولأبوي الوقت وذر فقال:
(تلك الروضة الإسلام) أي جميع ما يتعلق بالدين (وذلك) وللحموي وأما (العمود) فهو (عمود الإسلام) أي أركانه الخمسة أو كلمة الشهادة وحدها (وتلك العروة الوثقى) ولغير أبي ذر وتلك العروة عروة الوثقى أي الإيمان. قال تعالى:{فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى}[البقرة: ٢٥٦](فأنت على الإسلام حتى تموت)(وذاك) ولأبي ذر وذلك (الرجل عبد الله بن سلام) يحتمل أن يكون هو قوله ولا مانع أن يخبر بذلك ويريد نفسه، ويحتمل أن يكون من كلام الراوي، وليس في هذا نص بقطع