﵁ أنه رأى في يد رسول الله ﷺ خاتمًا من ورق) من فضة (يومًا واحدًا ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ولبسوها فطرح رسول الله ﷺ خاتمه)، لما رآهم اتخذوا خواتيم للزينة أو لكونهم شاركوه، لكن المعروف أن الخاتم الذي طرحه إنما كان خاتم الذهب فقال عياض وتبعه النووي: إن جميع أهل الحديث قالوا إن قوله من ورق وهم من ابن شهاب. وقال الكرماني: لا يجوز توهيم الراوي إذا أمكن الجمع وليس في الحديث أن الخاتم المطروح كان من ورق بل هو مطلق فيحمل على خاتم الذهب أو على ما نقش عليه نقش خاتمه الذي اتخذه ليختم به كتبه إلى الملوك لئلا تفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك ويحصل الخلل فيكون طرحه له غضبًا ممن تشبه به في ذلك النقش (فطرح الناس خواتيمهم) التي نقشوها على نقشه، وحينئذٍ عاد ﷺ فلبس خاتم الفضة واستمر إلى أن مات فلبسه سنة. قال في الروضة كأصلها: ولو اتخذ خواتم كثيرة ليلبس الواحد منها بعد الواحد جاز على المذهب، وفيه كما قال الأذرعي وغيره رمز إلى منع لبسه أكثر من خاتم جملة وهو ما ذكره المحب الطبري تفقهًا وعلله بأن استعمال الفضة حرام إلا ما وردت الرخصة به ولم ترد إلا في خاتم واحد. قال الأذرعي: وهذا ينافيه قول الدارمي ويكره للرجل لبس فوق خاتمين وقول الخوارزمي يجوز للرجل لبس زوج خاتم في يده وفرد في كل يد وزوج في يد وفرد في أخرى وأن يلبس زوجين في كل يد قال الصيدلاني: لا يجوز إلا للنساء قال: وعلى قياسه لو تختم في غير الخنصر ففي حكمه وجهان. قلت: أصحهما التحريم للنهي الصحيح عنه ولما فيه من التشبه بالنساء انتهى.
والذي في شرح مسلم عدم التحريم وفيه والسُّنّة للرجل جعل خاتمه في الخنصر.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في اللباس.
(تابعه) أي تابع يونس (إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فيما وصله مسلم وأحمد وأبو داود (و) كذا تابعه (زياد) هو ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل مكة ثم اليمن فيما وصله مسلم أيضًا (و) كذا (شعيب) هو ابن أبي حمزة مما وصله الإسماعيلي في روايتهم (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب وألفاظهم متقاربة.
(وقال ابن مسافر) عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي المصري واليها مولى الليث بن سعد الإمام فيما وصله الإسماعيلي (عن الزهري أرى خاتمًا من ورق) بكسر الراء أي فضة وليس في رواية الإسماعيلي لفظ أرى. قال في الفتح: فكأنها من البخاري وهذا التعليق ساقط من رواية أبي ذر ثابت لغيره قال الحافظ ابن حجر إلا النسفيّ.
٤٨ - باب فَصِّ الْخَاتَمِ
(باب فص الخاتم) بفتح الفاء قال في الصحاح والعامة تكسرها نعم أثبتها غيره لغة وزاد آخر ضمها. وقال به ابن مالك في مثلثته.
٥٨٦٩ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ هَلِ اتَّخَذَ النَّبِىُّ ﷺ خَاتَمًا؟ قَالَ: أَخَّرَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ قَالَ: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِى صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا».
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة قال: (أخبرنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا قال: (أخبرنا حميد) الطويل (قال: سئل أنس) ﵁ (هل اتخذ النبي ﷺ خاتمًا؟ قال أخر) ﵊ (ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل) أي إلى نصفه (ثم أقبل علينا بوجهه) الكريم (فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه) بفتح الواو وكسر الموحدة وبعد التحتية الساكنة صاد مهملة بريقه ولمعانه (قال):
(إن الناس قد صلوا وناموا وإنكم لم) بالميم ولأبي ذر عن الكشميهني لن بالنون (تزالوا في) ثواب (صلاة ما) ولأبوي ذر والوقت منذ (انتظرتموها).
وهذا الحديث سبق في باب وقت العشاء إلى نصف الليل من كتاب الصلاة.
٥٨٧٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِى حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وبه قال: (حدّثنا إسحاق) هو ابن إبراهيم المعروف بابن راهويه قال: (أخبرنا معتمر) هو ابن سليمان التيمي (قال: سمعت حميدًا) الطويل (يحدّث عن أنس ﵁ أن النبي ﷺ كان خاتمه من فضة) ولأبي داود من طريق زهير بن معاوية عن حميد زيادة كله، وأما حديث أبي داود والنسائي من طريق إياس بن الحارث بن معيقيب عن جده قال: كان خاتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ