(من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر)﵁ لأن إهمال أمر المبايعة كان يؤدي إلى الفساد الكليّ، وأما دفنه ﷺ فكان العباس وعلي وطائفة مباشرين لذلك. وقال في الفتح: فيما حضرنا بصيغة الفعل الماضي ومن أمر في موضع المفعول أي حضرنا في تلك الحالة أمور فما وجدنا منها أقوى من مبايعة أبي بكر، والأمور التي حضرت حينئذٍ الاشتغال بالمشاورة واستيعاب من يكون أهلاً لذلك قال: وجعل بعض الشراح فيها الاشتغال بتجهيزه ﷺ مشكل بدفنه وهو محتمل، لكن ليس في سياق القصة إشعار به بل تعليل عمر يرشد إلى الحصر فيما يتعلق بالاستخلاف وهو قوله:(خشينا) أي خفنا (إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا فإما بايعناهم) بالموحدة أوله وللكشميهني تابعناه بالمثناة الفوقية والموحدة قبل الغين (على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد) ولأبي ذر والأصيلي فسادًا بالنصب خبر كان (فمن بايع رجلاً على غير
مشورة) بضم المعجمة (من المسلمين فلا يتابع) بضم التحتية وفتح الفوقية وبعد الألف موحدة والجزم على النهي وفي اليونينية بالرفع (هو ولا الذي بايعه) بالموحدة وبعد الألف تحتية (تغرّة) بفتح الفوقية وكسر المعجمة وتشديد الراء مفتوحة بعدها هاء تأنيث منونة مخافة (أن يقتلا) فلا يطمعن أحد أن يبايع وتتم له المبايعة كما وقع لأبي بكر الصديق ﵁.
ومطابقة الحديث لما ترجم به في قوله: إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البيّنة.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (البكران) بكسر الموحدة من الرجال والنساء وهما من لم يجامع في نكاح صحيح إذا زنيا (يجلدان) خبر المبتدأ الذي هو البكران (وينفيان ﴿الزانية والزاني﴾) مرفوعان على الابتداء والخبر محذوف أي فيما فرض عليكم الزانية والزاني أي جلدهما أو الخبر (﴿فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾) ودخلت الفاء في فاجلدوا لتضمنهما معنى الشرط إذ اللام بمعنى الذي وتقديره: التي زنت والذي زنى فاجلدوهما والخطاب للأئمة لأن إقامة الحدّ من الدين وهو على الكل، وقدم الزانية لأن الزنا في الأغلب يكون بتعريضها للرجل وعرض نفسها عليه والجلد حكم يخص من ليس بمحصن لما دلّ على أن حدّ المحصن هو الرجم وزاد الشافعي عليه تغريب الحر سنة للحديث وليس في الآية ما يدفعه لينسخ أحدهما الآخر (﴿ولا تأخذكم بهما رأفة﴾) رحمة (﴿في دين الله﴾) في طاعته إقامة حدوده فتعطلوه أو تسامحوا فيه (﴿إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر﴾) يوم البعث فإن الإيمان يقتضي الجد في طاعة الله والاجتهاد في إقامة أحكامه (﴿وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين﴾) ثلاثة أو أربعة عدد شهود الزنا زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر ما ينكل التعذيب (﴿الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك﴾) أي المناسب لكل منهما ما ذكر لأن المشاكلة علة الإلفة (﴿وحرم ذلك﴾) أي نكاح الزواني (﴿على المؤمنين﴾)[النور: ٢، ٣] الأخيار نزل ذلك في ضعفة المهاجرين لما هموا أن يتزوجوا بغايا يكرين أنفسهن لينفقن عليهم من اكتسابهن على عادة الجاهلية فقيل التحريم خاص بهم، وقيل عام ونسخ بقوله: ﴿وانكحوا الأيامى منكم﴾ [النور: ٣٢] وسقط لأبي ذر من قوله (إن كنتم تؤمنون) إلخ وقال بعد قوله: ﴿في دين الله﴾ الآية. (قال ابن عيينة) سفيان في تفسير قوله: (رأفة: إقامة الحدود) ولأبي ذر: في إقامة الحدّ.
وبه قال:(حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد بن درهم أبو غسان الكوفي قال: (حدّثنا عبد العزيز) بن سلمة قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود (عن زيد بن خالد الجهني)﵁ أنه (قال: سمعت النبي ﷺ يأمر فيمن زنى) رجل أو امرأة (ولم يحصن) بضم أوّله وفتح الصاد (جلد مائة) بنصب جلد على نزع الخافض (وتغريب عام) ولاء إلى مسافة القصر لأن المقصود إيحاشه بالبعد