للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في النكاح وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. (تابعه) أي تابع محمد بن كثير (ابن مهدي) عبد الرحمن بفتح الميم في روايته الحديث فيما وصله مسلم وأبو يعلى (عن سفيان) الثوري ثم إن المطابقة بين الترجمة والأحاديث المسوقة في بابها مستفادة منها فأما النسب فمن أحاديث الرضاعة فإنه من لازمه وأما الرضاعة فبالاستفاضة وأما الموت القديم فبالإحقاق قاله ابن المنير والله أعلم.

٨ - باب شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي

وَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٤ - ٥].

وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ، ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ وَقَالَ: مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ.

وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَشُرَيْحٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ.

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: الأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِيَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ. ثُمَّ قَالَ: لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ. وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ. وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزَّانِيَ سَنَةً، وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً.

(باب) حكم (شهادة القاذف) بالذال المعجمة الذي يقذف أحدًا بالزنا (والسارق والزاني) هل تقبل بعد توبتهم أم لا (وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على سابقه ولأبي ذر عز وجل ({ولا تقبلوا لهم شهادة}) قال القاضي أيّ شهادة كانت لأنه مصرٌّ وقيل شهادتهم في القذف ولا يتوقف ذلك على استيفاء الجلد ({أبدًا}) ما لم يتب وعند أبي حنيفة إلى آخر عمره ({وأولئك هم الفاسقون}) المحكوم بفسقهم ({إلا الذين تابوا}) عن القذف ({من بعد ذلك وأصلحوا}) [النور: ٤ - ٥] أي أعمالهم

بالتدارك ومنه الاستسلام للحد أو الاستحلال من المقذوف فإن شهادتهم مقبولة لأن الله استثنى التائبين عقب النهي عن قبول شهادتهم، وقال الحنفية: ذكره بالتأبيد يدل على أنها لا تقبل بعد استيفاء الحد بكل حال والاستثناء منصرف إلى ما يليه وهو قوله: {وأولئك هم الفاسقون} وقال الحنفية: الاستثناء منقطع لأن التائبين غير داخلين في صدر الكلام وهو قوله: {وأولئك هم الفاسقون} إذ التوبة تجب ما قبلها من الذنوب فلا يكون التائب فاسقًا، وأما شهادته فلا تقبل أبدًا لأن ردّها من تتمة الحد لأنه يصلح جزاء فيكون مشار كالأول في كونه حدًّا وقوله: وأولئك هم الفاسقون لا يصلح أن يكون جزاء لأنه ليس بخطاب للأئمة بل إخبار عن صفة قائمة بالقاذفين فلا يصلح أن يكون من تمام الحد لأنه كلام مبتدأ على سبيل الاستئناف منقطع عما قبله لعدم صحته على ما سبق لأن قوله: وأولئك هم الفاسقون جملة خبرية ليس بخطاب للأئمة وما قبله إنشائية خطاب لهم، وقوله: {ولا تقبلوا} إنشائية يصح عطفها على فاجلدوا فإذا شهد قبل الحد أو قبل تمام استيفائه قبلت شهادته فإذا استوفى لم تقبل وإن تاب وكان من الأتقياء الأبرار لتعلقها باستيفاء الحد وتعقبه الشافعي بأن الحدود كفّارات لأهلها فهو بعد الحدّ خير منه قبله فكيف ترد في خير حالتيه وتقبل في شرهما ولأن أبدًا في كل شيء على ما يليق به كما لو قيل لا تقبل شهادة الكافر أبدًا أي ما دام كافرًا.

(وجلد عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما وصله الشافعي (أبا بكرة) نفيع بن الحرث بن كلدة بالكاف واللام والدال المهملة المفتوحات الصحابيّ (وشبل بن معبد) بكسر الشين وسكون الموحدة ومعبد بفتح الميم وسكون المهملة وفتح الموحدة ابن عبيد بن الحرث البجلي أخا أي بكرة لأمه سميّة وهو معدود في المخضرمين (ونافعًا) هو ابن الحرث أخو أبي بكرة لأمه أيضًا (بقذف المغيرة) بن شعبة وكان أمير البصرة لعمر -رضي الله عنه- لما رأوه وكان معهم أخوهم لأمهم زياد بن أبي سفيان متبطن الرقطاء أم جميل بنت عمرو بن الأفقم الهلالية زوج الحجاج بن عتيك بن الحرث بن عوف الجشمي فرحلوا إلى عمر فشكوه فعزله وولى أبا موسى الأشعري وأحضر المغيرة فشهد عليه الثلاثة بالزنا ولم يثبت زياد الشهادة وقال: رأيت منظرًا قبيحًا وما أدري أخالطها أم لا. وعند الحاكم فقال زياد: رأيتهما في لحاف واحد وسمعت نفسًا عاليًا وما أدري ما وراء ذلك فأمر عمر بجلد الثلاثة حذ القذف (ثم استتابهم وقال: من تاب قبلت شهادته) نصب مفعول قبلت.

(وأجازه) أي الحكم المذكور وهو قبول شهادة المحدود في القذف (عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية ابن مسعود فيما وصله الطبري من طريق عمران بن عمير عنه، (وعمر بن عبد العزيز) الخليفة المشهور فيما وصله الطبري أيضًا والخلال من طريق ابن جريج عن عمران بن موسى عنه، (وسعيد بن جبير) التابعي المشهور فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>