(أن يكون عرض لك) بضم العين (ثم ذكرت قولك) لا تبرح (فقمت) أي فوقفت أو فأقمت موضعي (فقال النبي ﷺ: ذاك) الذي سمعت (جبريل أتاني فأخبرني، أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) قال أبو ذر (قلت: يا رسول الله) يدخل الجنة (وإن زنى وإن سرق؟ قال) ﷺ يدخلها (وإن زنى وإن سرق) قال الأعمش بالإسناد السابق (قلت لزيد) أي ابن وهب المذكور (أنه بلغني أنه) أي راوي الحديث (أبو الدرداء فقال) زيد (أشهد لحدثنيه) أي الحديث المذكور (أبو ذر) جندب (بالربذة) وأدخل اللام
في لحدثنيه لأن الشهادة في حكم القسم. (قال الأعلم) سليمان بن مهران بالسند المذكور (وحدثني) بالواو والإفراد (أبو صالح) ذكوان السمان (عن أبي الدرداء) عويمر (نحوه) أي نحو الحديث الماضي (وقال أبو شهاب) عبد ربه الحناط بالمهملتين والنون المشدّدة مما سبق موصولاً في الاستقراض (عن الأعمش) أي عن زيد بن وهب عن أبي ذر (يمكث عندي فوق ثلاث) بدل قوله تأتي عليّ ليلة أو ثلاث عندي منه دينار.
والحديث سبق في الاستقراض.
٣١ - باب لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ
هذا (باب) بالتنوين (لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه) خبر معناه النهي.
٦٢٦٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ».
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن نافع عن ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه) وفي رواية الليث عند مسلم بلفظ النهي المؤكد بالنون وظاهر النهي التحريم فلا يصرف عنه إلا بدليل، وزاد ابن جريج عن نافع مما في كتاب الجمعة قلت لنافع: الجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها، ولفظ الحديث وإن كان عامًّا لكنه مخصوص بالمجالس المباحة إما على العموم كالمساجد ومجالس الحكام والعلم، وإما على الخصوص كمن يدعو قومًا بأعيانهم إلى منزله لوليمة ونحوها، وأما المجالس التي ليس للشخص فيها ملك ولا أذن له فيها فإنه يقام ويخرج منها ثم هو في المجالس العامة ليس عامًّا في الناس بل خاص بغير المجانين ومن يحصل منه الأذى كأكل الثوم النيء إذا دخل المسجد، والحكمة في هذا النهي منع استنقاص حق المسلم المقتضي للضعائن، ولأن الناس في المباح كلهم سواء فمن سبق إلى مباح استحقه ومن استحق شيئًا فأخذ منه بغير حق فهو غصب والغصب حرام. قاله في بهجة النفوس.
والحديث سبق في الجمعة.
٣٢ - باب ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشِزُوا فَانْشِزُوا﴾ الآيَةَ [المجادلة: ١١]
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى: (﴿إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس﴾) توسعوا فيه. وقرأ عاصم في المجالس بالجمع اعتبارًا بأن لكل واحد مجلساً، والمراد مجلس رسول الله ﷺ. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: نزلت يوم جمعة وكان رسول الله ﷺ يومئذٍ في
الصفة وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء أناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله ﷺ على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسح لهم فشق ذلك على النبي ﷺ فقال لمن حوله من غير أهل بدر: "قم يا فلان وأنت يا فلان وأجلسهم في أماكنهم" فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي ﷺ الكراهة في وجوههم وتكلم في ذلك المنافقون، فبلغنا أن رسول الله ﷺ قال: "رحم الله رجلاً يفسح لأخيه" فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية يوم الجمعة وعن ابن عباس هي مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب قال الحسن: كانوا يتشاحون على الصف الأوّل فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في الشهادة فنزلت، والظاهر أن الحكم يطرد في مجالس الطاعات وإن كان السبب خاصًا (﴿فافسحوا﴾) فوسعوا (﴿يفسح الله لكم﴾) يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة لأن الجزاء من جنس العمل وهو يطلق في كل ما ينبغي للناس الفسحة فيه من المكان والرزق والقبر وغير ذلك (﴿وإذا قيل انشزوا﴾) انهضوا