للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بفتحها. قال القاضي عياض: وهي رواية الأكثرين وهو الجلد أي خذي قطعة وتحملي بها لمسح القبل، واحتجّ بأنهم كانوا في ضيق يمتنع معه أن يمتهنوا المسك مع غلاء ثمنه، ورجح النووي الكسر. (فتطهري) أي تنظفي (بها) أي بالفرصة. (قالت) أسماء: (كيف أتطهر بها؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (سبحان الله) متعجبًا من خفاء ذلك عليها (تطهري) ولابن عساكر تطهري بها قالت: كيف؟ قال: سبحان الله تطهري بها. قالت عائشة رضي الله عنها: (فاجتبذتها إلي) بتقديم الموحدة على الذال المعجمة، وفي رواية فاجتذبتها بتأخيرها (فقلت) لها (تتبعي بها) أي بالفرصة (أثر الدم) أي في الفرج، واستنبط منه أن العَالم يكني بالجواب في الأمور المستورة، وأن المرأة تسأل عن أمر دينها، وتكرير الجواب لإفهام السائل، وأن للطالب الحاذق تفهيم السائل قول الشيخ وهو يسمع، وفيه الدلالة على حسن خلق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعظيم حلمه وحيائه، ووجه المطابقة بينه وبين الترجمة من جهة تضمنه طريق مسلم التي سبق ذكرها بالمعنى المصرّحة بكيفية الاغتسال والدلك المسكوت عنه في رواية المؤلف، ولم يخرجها لأنها ليست على شرطه لكونها من رواية إبراهيم بن مهاجر عن صفية. ورواة حديث هذا الباب ما بين بلخي ومكي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف في الطهارة والاعتصام، وكذا مسلم والنسائي.

١٤ - باب غُسْلِ الْمَحِيضِ

(باب غسل) المرأة من (المحيض) بفتح الغين وضمها كما في الفرع.

٣١٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قال: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي ثَلَاثًا» ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ: تَوَضَّئِي بِهَا. فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا مسلم) زاد الأصيلي ابن إبراهيم (قال: حدّثنا وهيب) تصغير وهب ابن خالد (قال: حدّثنا منصور) هو ابن عبد الرحمن (عن أمه) صفية بنت شيبة (عن عائشة) رضي الله عنها.

(أن امرأة من الأنصار) هي أسماء بنت شكل (قالت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كيف أغتسل من المحيض؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (خذي) أي بعد إيصال الماء لشعرك وبشرتك (فرصة ممسكة) بضم الميم الأولى وفتح الثانية ثم مهملة مشددة مفتوحة أي قطعة من صوف أو قطن مطيبة بالمسك (فتوضئي) الوضوء اللغوي وهو التنظيف، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: وتوضئي وفي رواية فتوضئي بها قال لها ذلك (ثلاثًا) أي ثلاث مرات. قالت عائشة: (ثم إن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استحيا فأعرض) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأعرض (بوجهه) الكريم (أو قال) شك من عائشة (توضئي بها) ولابن عساكر وقال: فزاد في هذه كالرواية السابقة لفظة بها أي بالفرصة. قالت عائشة: (فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من التتبع وإزالة الرائحة الكريهة. والمطابقة بين الحديث والترجمة على رواية فتح غين غسل وتفسير المحيض باسم المكان ظاهرة، وعلى رواية ضم الغين والمحيض بمعنى الحيض فالإضافة بمعنى اللام الاختصاصية لأنه ذكر لها خاصة هذا الغسل.

١٥ - باب امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ

(باب امتشاط المرأة) أي تسريح شعر رأسها (عند غسلها) بفتح الغين وضمها (من المحيض) أي الحيض.

٣١٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ. فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ». فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ، مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ.

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (قال: حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني نزيل بغداد (قال: حدّثنا ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير بن العوّام (أن عائشة) رضي الله عنها (قالت):

(أهللت) أي أحرمت ورفعت صوتي بالتلبية (مع رسول الله) وللأصيلي مع النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجة الوداع، فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي) بفتح الهاء وسكون المهملة وتخفيف الياء أو كسر المهملة مع تشديد الياء اسم لما يهدى بمكة من الأنعام، وفيه التفات من المتكلم إلى الغائب، لأن الأصل أن تقول ممن تمتعت لكن ذكر باعتبار لفظ من (فزعمت أنها حاضت ولم تطهر) من حيضها (حتى دخلت ليلة عرفة) فيه دلالة على أن حيضها كان ثلاثة أيام خاصة لأن دخوله عليه الصلاة والسلام مكة كان في الخامس من الحجة، فحاضت يومئذٍ فطهرت يوم عرفة، ويدل على أنها حاضت يومئذٍ قوله عليه الصلاة والسلام في باب كيف تهلّ الحائض بالحج والعمرة من أحرم بعمرة الحديث. قالت: فحضت ففيه دليل على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>