للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا يشعر بأن رواية شبابة موافقة لرواية آدم في الإسناد والمتن إلا أن شبابة زاد فيه ما يؤكد رفعه، وقد أخرج ابن منده في غرائب شعبة طريق شبابة فقال: محمد بن أحمد بن حاتم، حدّثنا عبد الله بن روح، حدّثنا شبابة، حدّثنا شعبة عن قتادة عن أبي المتوكل عن أبي سعيد، وبه عن شعبة عن حميد عن أنس نحوه، وهذا يؤكد صحة ما اعترض به الإسماعيلي ومن تبعه ويشعر بأن الخلل فيه من غير البخاري إذ لو كان إسناد شبابة عنده مخالفًا لإسناد آدم لبينه وهذا واضح لا خفاء به والله أعلم.

٣٣ - باب الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِفْطَارِ

(باب) حكم (الصوم في السفر و) حكم (الإفطار) فيه.

١٩٤١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ سَمِعَ ابْنَ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ".

تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: "كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ". [الحديث ١٩٤١ - أطرافه في: ١٩٥٥، ١٩٥٦، ١٩٥٨، ٥٢٩٧].

وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي إسحاق) سلمان بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) أنه (سمع ابن أبي أوفى) عبد الله (-رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولابن عساكر مع النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي وهو صائم (في سفر)، في شهر رمضان كما في مسلم في غزوة الفتح لا في بدر لأن ابن أبي أوفى لم يشهدها (فقال لرجل): هو بلال كما في رواية أبي داود وابن بشكوال، ولمسلم فلما غابت الشمس وللبخاري فلما غربت الشمس قال: (أنزل فاجدح لي)، بهمزة وصل بعد الفاء وسكون الجيم وفتح الدال وبعدها حاء مهملتين أمر من الجدح وهو الخلط أي اخلط السويق بالماء أو اللبن بالماء وحركه لأفطر عليه وقول الداودي أن معناه أحلب ردّه عياض (قال): بلال (يا رسول الله الشمس)، باقية أي نورها أو الشمس رفع خبر مبتدأ محذوف أي هذه الشمس، ولغير أبي ذر: الشمس بالنصب أي انظر الشمس ظن أن بقاء النور وإن غاب القرص مانع من الإفطار (قال) عليه الصلاة والسلام.

(أنزل فاجدح لي)، لأفطر قال بلال (يا رسول الله الشمس) بالرفع والنصب (قال): عليه الصلاة والسلام (انزل فاجدح لي) (فنزل فجدح له) عليه الصلاة والسلام (فشرب)، وكرر انزل فاجدح لي ثلاث مرات وتكرير المراجعة من بلال للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لغلبة اعتقاده أن ذلك نهار يحرم فيه الأكل مع تجويزه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينظر إلى ذلك الضوء نظرًا تامًّا، فقصد زيادة الإعلام فأجابه عليه الصلاة والسلام بأن ذلك لا يضر وأعرض عن الضوء واعتبر غيبوبة الجرم ثم بين ما يعتبره من لم يتمكن من رؤية جرم الشمس كما حكاه الراوي عنه بقوله:

(ثم رمى) أي أشار عليه الصلاة والسلام (بيده هاهنا) أي إلى الشرق وإنما أشار إليه لأن أول الظلمة لا تقبل منه إلا وقد سقط القرص (ثم قال): عليه الصلاة والسلام: (إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا) أي من جهة المشرق (فقد أفطر الصائم) أي دخل وقت إفطاره.

واستنبط من هذا الحديث أن صوم رمضان في السفر أفضل من الإفطار لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان صائمًا في شهر رمضان في السفر ولقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: ١٨٤] ولبراءة الذمة وفضيلة الوقت، وفارق ذلك أفضلية القصر في السفر بأن في القصر براءة الذمة

ومحافظة على فضيلة الوقت بخلاف الفطر وبأن فيه خروجًا من الخلاف وليس هنا خلاف يعتدّ به في إيجاب الفطر فكان الصوم أفضل. نعم إن خاف من الصوم ضررًا في الحال أو الاستقبال فالفطر أفضل، وعليه يحمل الحديث الآتي إن شاء الله تعالى بعد باب بلفظ: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر فرأى زحامًا ورجلاً قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم. فقال: ليس من البر الصوم في السفر.

وقال المالكية يجوز الفطر في سفر القصر إذا شرع في السفر قبل الفجر ولم ينو الصيام في السفر وقد خرج بقولهم شرع فيه قبل الفجر ما إذا سافر بعده فإن فطره ذلك اليوم لا يجوز عندهم إذا نوى الصوم قبل خروجه وبقولهم: ولم ينو الصيام في السفر ما إذا نوى الصوم في السفر فإن فطره لا يجوز فإن خالف في الوجهين فأفطر لزمه القضاء، ولو كان صومه تطوّعًا ولا كفارة عليه في المسالة الأولى بخلاف الثانية.

وقال الحنابلة: يستحب له الفطر. قال المرداوي: وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه وهو من

<<  <  ج: ص:  >  >>