وابن عساكر ولغيرهما تريبة بفتح القاف وكسر الراء وكذا ضبطه الدمياطي، وفي القاموس الوجهان وعبارته بالتصغير وقد تفتح (بنت) ولأبي ذر ابنة (أبي أمية) بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أخت أم سلمة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عند عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (فطلقها فتزوّجها معاوية بن أبي سفيان) وظاهر هذا كما في الفتح أنها لم تكن أسلمت في هذا الوقت وهو ما بين عمرة الحديبية وفتح مكة وفيه نظر، فقد ثبت بسند صحيح عند النسائي ما يقتضي أنها هاجرت قديمًا لكن يحتمل أنها جاءت إلى المدينة زائرة لأختها قبل أن تسلم أو كانت مقيمة عند زوجها عمر على دينها قبل أن تنزل الآية، لكن هذا يردّه ما روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري لما نزلت {ولا تمسمكوا بعصم الكوافر}[الممتحنة: ١٠] فذكر القصة وفيها فطلّق عمر امرأتين كانتا له بمكة، فهذا يردّ أنها كانت مقيمة ولا يردّ أنها جاءت زائرة ويحتمل أن يكون لأم سلمة أختان كلٌّ منهما تسمى قريبة تقدم إسلام إحداهما وتأخر إسلام الأخرى وهي المذكورة هنا، ويؤيده أن عند ابن سعد في طبقاته قريبة الصغرى بنت أبي أمية أخت أم سلمة تزوّجها عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق. (وكانت أم الحكم ابنة) ولأبي ذر بنت (أبي سفيان) أخت معاوية وأم حبيبة لأبيها (تحت عياض بن غنم) بفتح الغين المعجمة وسكون النون (الفهر) بكسر الفاء وسكون الهاء (فطلقها) حينئذٍ (فتزوّجها عبد الله بن عثمان الثقفي) بالمثلثة. واستشكل ترك ردّ النساء إلى أهل مكة مع وقوع الصلح بينهم وبين المسلمين في الحديبية على أن من جاء منهم إلى المسلمين ردوه ومن جاء من المسلمين إليهم لم يردوه. وأجيب: بأن حكم النساء منسوخ بآية {يا
أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} إذ فيها {فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هنّ حِلٌّ لهم} ثم قال: {ذلكم حكم الله يحكم بينكم}[الممتحنة: ١٠] أي في الصلح واستثناء النساء منه والأمر بهذا كله هو حكم الله بين خلقه والله عليم بما يصلح عباده، أو أن النساء لم يدخلن في أصل الصلح، ويؤيده ما في بعض طرق الحديث على أن لا يأتيك منا رجل إلا رددته إذ مفهومه عدم دخول النساء.
وهذا (باب) بالتنوين (إذا أسلمت المشركة) كوثنية (أو النصرانية) أو اليهودية (تحت الذمي أو الحربي) قبل أن يسلم هل تحصل الفرقة بينهما بمجرّد إسلامها أو يثبت لها الخيار أو يوقف في العدّة، فإن أسلم استمرّ النكاح وإلا وقعت الفرقة بينهما. قال الشافعية: إذا أسلم مشرك ولو غير كتابي كوثني ومجوسي وتحته حرة كتابية تحل له ابتداء استمر نكاحه لجواز نكاح المسلم لها أو كان تحته حرّة غير كتابية كوثنية وكتابية لا تحل له ابتداء وتخلفت عنه بأن لم تسلم معه أو أسلمت هي وتخلّف هو فإن كان قبل الدخول تنجزت الفرقة أو بعده وأسلم الآخر في العدّة استمر نكاحه، وإلا فالفرقة من الإسلام، والفرقة فيما ذكر فسخ لا طلاق ولو أسلما معًا قبل الدخول أو بعده استمرّ نكاحهما لتساويهما في الإسلام والمعية في الإسلام بآخر لفظ لأن به يحصل الإسلام لا بأوّله ولا بأثنائه، وقد جنح البخاري إلى أن الفرقة بمجرّد الإسلام وشرع يستدل لذلك فقال:
(وقال عبد الوارث) بن سعيد (عن خالد) الحذاء (عن عكرمة عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه). سواء دخل عليها أم لا وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة عن عباد بن العوّام عن خالد الحذاء بنحوه.
(وقال داود) بن أبي الفرات بالفاء المضمومة والراء المخففة (عن إبراهيم) بن ميمون (الصائغ) المروزي أنه قال: (سئل عطاء) هو ابن أبي رباح (عن امرأة من أهل العهد) أي الذمة (أسلمت ثم
أسلم زوجها) بعدها وهي (في العدة أهي امرأته؟ قال: لا. إلا أن تشاء هي بنكاح جديد وصداق) جديد أيضًا لأن الإسلام فرّق بينهما، وهذا وصله ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عطاء بمعناه.
(وقال مجاهد): هو ابن جبر فيما وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عنه (إذا) أسلمت الزوجة ثم (أسلم) الزوج وهي