الطبري من طريق المدائني بأسانيد أن سعدًا أشار إليه بعثمان، وأنه دار تلك الليالي كلها على أصحابه ومن وافى المدينة من أشراف الناس لا يخلو برجل منهم إلا أمره بعثمان (فلما أخذ الميثاق) من الشيخين (قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايع) بفتح الياء فيهما (له علي وولج) أي دخل (أهل الدار) أي أهل المدينة
(فبايعوه): ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في كتاب الأحكام حيث ساق المؤلّف -رحمه الله تعالى- حديث الشورى.
٩ - باب مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ أَبِي الْحَسَنِ ﵁-
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ» وَقَالَ عُمَرُ «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهْوَ عَنْهُ رَاضٍ»
(باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن ﵁) وكناه ﷺ بأبي تراب، وهو ابن عم النبي ﷺ لأبويه، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهي أول هاشمية ولدت هاشميًّا أسلمت وتوفيت بالمدينة، وسقط لفظ باب لأبي ذر فالتالي رفع.
(وقال النبي ﷺ) مما وصله المؤلّف في الصلح وعمرة القضاء (لعلي): (أنت) مبتدأ خبره (مني وأنا منك) أي أنت متصل بي قربًا وعلمًا أو نسبًا (وقال عمر) بن الخطاب ﵁ في علي مما وصله قريبًا في الباب السابق: (توفي رسول الله ﷺ وهو عنه راض).
٣٧٠١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ. فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي مولاهم قال: (حدّثنا عبد العزيز) بن أبي حازم (عن) أبيه (أبي حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) بسكون العين الساعدي (﵁ أن رسول الله ﷺ قال) في غزوة خيبر:
(لأعطين الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه) بالتثنية (قال: فبات الناس يدوكون) بالدال المهملة والكاف أي يخوضون (ليلتهم أيهم يعطاها) أي الراية (فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله ﷺ كلهم يرجو أن يعطاها) ولأبي ذر عن الكشميهني يرجون (فقال أين علي بن أبي طالب فقالوا): هو (يشتكي عينيه) بالتثنية (يا رسول الله قال): (فأرسلوا إليه) بهمزة قطع وكسر
السين (فأتوني به) بصيغة الأمر فأرسلوا (فلما جاء) علي (بصق) ﷺ (في عينيه ودعا) بالواو ولأبي ذر فدعا (له فبرأ) بوزن ضرب أي شفي (حتى كأن لم يكن به وجع) فيهما بل لم يرمد ولم يصدع بعد (فأعطاه) ﵇ (الراية) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فأعطي بضم الهمزة الراية (فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم) بحذف همزة الاستفهام (حتى يكونوا مثلنا) مسلمين (فقال) ﵊ له: (انفذ) بضم الفاء وبالذال المعجمة أي امض (على رسلك) بكسر الراء هينتك (حتى تنزل بساحتهم) بفنائهم (ثم ادعهم) بهمزة وصل (إلى الإسلام وأخبرهم) بهمزة قطع (بما يجب عليهم من حق الله فيه) في الإسلام (فوالله لأن) بفتح اللام والهمزة وفي اليونينية بكسر اللام وفتح الهمزة (يهدي الله بك رجلاً واحدًا) وأن المصدرية رفع على الابتداء وخبره (خير لك من أن يكون لك حمر النعم) تتصدّق بها وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا للتقريب إلى الإفهام، وإلاّ فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها بأسرها ومثلها معها قاله في الكواكب كالنووي.
وقد سبق هذا الحديث في الجهاد.
٣٧٠٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: «كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ. فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ -أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ- غَدًا رَجُلاً يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ -أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ- يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا حاتم) بالحاء المهملة وبالمثناة الفوقية ابن إسماعيل الكوفي (عن يزيد) من الزيادة (ابن أبي عبيد) مصغرًا بغير إضافة إلى شيء مولى سلمة (عن سلمة) بن الأكوع أنه (قال: كان عليّ) ﵁ (قد تخلف عن النبي ﷺ في) غزوة (خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله ﷺ) بسبب الرمد (فخرج علي فلحق بالنبي ﷺ) بخيبر أو في أثناء الطريق (فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله) أي خيبر (في صباحها قال رسول الله ﷺ):
(لأعطين الراية أو ليأخذن الراية) بالشك من الراوي (غدًا رجلاً) بالنصب مفعول لأعطين ولأبي ذر عن الكشميهني رجل بالرفع على الفاعلية (يحبه الله ورسوله أو قال: يحب الله ورسوله) محبة حقيقية مستوفية لشرائطها (يفتح الله عليه) خيبر، ولأبي ذر عن الحموي، والمستملي: على يديه. وفي الإكليل للحاكم أن النبي ﷺ بعث