للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صالح) أبو جعفر بن الطبري المصري الحافظ فيما رواه عنه مذاكرة (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال) في حجة الوداع:

(ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا) أي تحالف قريش (على الكفر) أي من أنهم لا يناكحوا بني هاشم وبني المطلب ولا يبايعوهم ولا يساكنوهم بمكة حتى يسلموا إليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في الكعبة قال البخاري: (يريد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخيف بني كنانة (المحصب) بضم الميم وفتح الحاء والصاد المشدّدة المهملتين آخره موحدة موضع بين مكة ومنى، والخيف في الأصل ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع من مسيل الماء.

والحديث سبق في الحج في باب نزول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة من كتاب الحج.

ومطابقته لا خفاء بها.

٧٤٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حَاصَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَفْتَحْهَا فَقَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ».

فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَقْفُلُ وَلَمْ نَفْتَحْ قَالَ: فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ». فَكَأَنَّ ذَلِكَ أَعْجَبَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن أبي العباس) السائب بن فرّوخ الشاعر المكي الأعمى (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- وفي رواية أبي ذر عن غير الحموي والمستملي عن عبد الله بن عمرو بفتح العين وسكون الميم أي ابن العاصي وصوّب الأول الدارقطني وغيره أنه (قال: حاصر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهل الطائف) ثمانية عشر يومًا (فلم يفتحها) وفي المغازي فلم ينل منهم شيئًا (فقال: إنا قافلون) أي راجعون إلى المدينة (إن شاء الله. فقال المسلمون: نقفل) بضم الفاء بعد سكون القاف أي نرجع (ولم نفتح) حصنهم (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فاغدوا على القتال) بالغين المعجمة أي سيروا أوّل النهار لأجل القتال (فغدوا فأصابتهم جراحات) لأن أهل الطائف رموهم من أعلى السور فكانوا ينالون منهم بسهامهم ولا تصل السهام إليهم لكونهم أعلى السور ولم يفتح لهم فلما رأوا ذلك ظهر لهم تصويب الرجوع (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنا قافلون غدًا إن شاء الله. فكأن) بتشديد النون (ذلك أعجبهم فتبسم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). والحديث سبق في المغازي.

٣٢ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: ٢٣] وَلَمْ يَقُلْ مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُمْ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {مَنْ ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥].

وَقَالَ مَسْرُوقٌ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْىِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ شَيْئًا فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ وَنَادَوْا مَاذَا قَالَ: رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: الْحَقَّ.

وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ».

(باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}) أي أذن الله تعالى يعني إلا مَن وقع الإذن للشفيع لأجله وهي اللام الثانية في قولك لزيد لعمرو أي لأجله ({حتى إذا فزع عن قلوبهم}) أي كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الإذن والتفزيع إزالة الفزع، وحتى غاية لا فهم من أن ثم انتظارًا للإذن وتوقفًا وفرغًا من الراجين للشفاعة هل يؤذن لهم أو لا يؤذن لهم كأنه قيل يتربصون ويتوقفون مليًّا فزعين حتى إذا فزع عن قلوبهم ({قالوا}) سأل بعضهم بعضًا ({ماذا قال ربكم قالوا}) قال ({الحق}) أي القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى ({وهو العلي الكبير} [سبأ: ٢٣]) ذو العلو والكبرياء ليس

لملك ولا نبي أن يتكلم في ذلك اليوم إلا بإذنه وأن يشفع إلا لمن ارتضى. وقال في الفتح: وأظن البخاري أشار بهذا إلى ترجيح قول من قال إن الضمير في قوله عن قلوبهم للملائكة وأن فاعل الشفاعة في قوله: ولا تنفع الشفاعة هم الملائكة بدليل قوله بعد وصف الملائكة {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون} [الأنبياء: ٢٨] بخلاف قول من زعم أن الضمير للكفار المذكورين في قوله تعالى: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه} [سبأ: ٢٠] كما نقله بعض المفسرين، وزعم أن المراد بالتفزيع حالة مفارقة الحياة ويكون اتباعهم إياه مستصحبًا إلى يوم القيامة على طريق المجاز والجملة من قوله: قل أدعو الخ معترضة وحمل هذا القائل على هذا الزعم أن قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم غاية لا بدّ لها من مغيًا فادّعى أنه ما ذكره، وقال بعض المفسّرين من المعتزلة: المراد بالزعم الكفر في قوله زعمتم أي تماديتم في الكفر إلى غاية التفزيع، ثم تركتم زعمكم وقلتم قال الحق، وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>