للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر هلال فيمن لاعن والصحيح ثبوت ذلك وكيف يجزم بخطأ حديث ثابت في الصحيحين بمجرد دعوى لا دليل عليها. وقول النووي في تهذيبه اختلفوا في الذي وجد مع امرأته رجلًا وتلاعنا على ثلاثة أقوال: هلال بن أمية، أو عاصم بن عدي، أو عويمر العجلاني؟ قال الواحدي: أظهر هذه الأقوال أنه عويمر لكثرة الأحاديث، واتفقوا على أن الموجود زانيًا شريك ابن سحماء تعقبوه بأن قصتي ملاعنة

عويمر وهلال ثبتتا فكيف يختلف فيهما، وإنما المختلف فيه سبب نزول الآية في أيهما، وقد سبق تقريره وبأن عاصمًا لم يلاعن قط وإنما سأل لعويمر العجلاني عن ذلك وبأن قوله: واتفقوا على أن الموجود زانيًا شريك ممنوع إذ لم يوجد زانيًا وإنما هم اعتقدوا ذلك ولم يثبت ذلك في حقه في ظاهر الحكم فصواب العبارة أن يقال واتفقوا على أن المرمي به شريك ابن سحماء.

وهذا الحديث قد مرّ في باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البيّنة من كتاب الشهادات.

٤ - باب قَوْلِهِ: ﴿وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٩]

(باب قوله) ﷿ (﴿والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين﴾) [النور: ٩] فيما رماها به وخصها بالغضب لأن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور وهي تعلم صدقه فيما رماها به فلذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه وسقط باب قوله لغير أبي ذر.

٤٧٤٨ - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ فَتَلَاعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، ثُمَّ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ.

[الحديث ٤٧٤٨ - أطرافه في: ٥٣٠٦، ٥٣١٣، ٥٣١٤، ٥٣١٥، ٦٧٤٨].

وبه قال: (حدّثنا مقدم بن محمد بن يحيى) بضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة الهلالي الواسطي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (عمي القاسم بن يحيى عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال البخاري (وقد سمع) القاسم (منه) أي من عبيد الله (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر أن رجلًا) هو عويمر العجلاني (رمى امرأته) بالزنا (فانتفى من ولدها في زمن رسول الله فأمر بهما رسول الله فتلاعنا كما قال الله) تعالى في كتابه (﴿والذين﴾ -إلى قوله- ﴿والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين﴾ ثم قضى)، : (بالولد للمرأة) واستدلّ به على مشروعية اللعان لنفي الولد بمجرّد اللعان ولو لم يتعرض الرجل لذكره في اللعان وفيه نظر لأنه لو استلحقه لحقه وإنما يؤثر اللعان بالرجل دفع حد القذف عنه وثبوت زنا المرأة ثم يرتفع عنها الحد بالتعانها. وقال الشافعي إن نفى الولد في الملاعنة انتفى وإن لم يتعرض له فله أن يعيد اللعان لانتفائه ولا إعادة على المرأة وإن أمكنه الرفع إلى الحاكم فأخره بغير عذر حتى ولدت لم يكن له أن ينفيه.

(وفرّق) (بين المتلاعنين) تمسك به الحنفية أن بمجرد اللعان لا يحصل التفريق ولا بدّ من حكم حاكم وحمله الجمهور على أن المراد الإفتاء والخبر عن حكم الشرع بدليل قوله في الرواية الأخرى لا سبيل لك عليها وفرق بتشديد الراء يقال في الأجسام وبالتخفيف في المعاني.

وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في اللعان وغيره بعون الله وقوّته.

٥ - باب قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسِبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١١]

هذا (باب) بالتنوين (قوله) تعالى (﴿إن الذين جاؤوا بالإفك﴾) في أمر عائشة (﴿عصبة﴾) جماعة من العشرة إلى الأربعين (﴿منكم﴾) أيها المؤمنون يريد عبد الله بن أبي وكان من جملة من حكم له بالإيمان ظاهرًا وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم (﴿لا تحسبوه شرًّا لكم﴾) الضمير للإفك والخطاب للرسول وأبي بكر وعائشة وصفوان لتأذيهم بذلك (﴿بل هو خير لكم﴾) لما فيه من جزيل ثوابكم وإظهار شرفكم وبيان فضلكم من حيث نزلت فيكم ثماني عشرة آية في براءتكم وتهويل الوعيد للقاذفين ونسبتهم إلى الإفك (﴿لكل امرئ منهم﴾) من أهل الإفك (﴿ما اكتسب من الإثم﴾) أي لكل منهم جزاء ما اكتسبه من العقاب في الآخرة والمذمة في الدنيا بقدر ما خاض فيه مختصًا به (﴿والذي تولى كبره﴾) معظمه بإشاعته (﴿منهم﴾) أي من الخائضين (﴿له

<<  <  ج: ص:  >  >>