للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بفتح الهمزة وبهمزة الاستفهام مقدرة أو ملفوظ بها (أحرقت أمة من الأمم تسبح الله) تعالى في بدء الخلق فهلا نملة واحدة أي فهلا أحرقت نملة واحدة وهي التي آذتك بخلاف غيرها فلم يصدر منها جناية وفيه إشارة إلى أنه لو أحرق التي قرصته لما عوتب وقيل لم يقع عليه العتب في أصل القتل ولا في الإحراق بل في الزيادة على النملة الواحدة وهو يدل لجوازه في شرعه، وتعقب بأنه لو كان كذلك لم يعاتب أصلاً ورأسًا أو أنه من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. وقد روي أن لهذه القصة سببًا وهو أن هذا النبي مرّ على قرية أهلكها الله بذنوب أهلها فوقف متعجبًا فقال: يا رب كان فيهم صبيان ودواب ومن لم يقترف ذنبًا ثم

نزل تحت شجرة فجرت له هذه القصة فنبهه الله على أن الجنس المؤذي يقتل وإن لم يؤذِ وتقتل أولاده وإن لم تبلغ الأذى، والحاصل أنه لم يعاتبه إنكارًا لما فعل بل جوابًا له وإيضاحًا لحكمة شمول الإهلاك لجميع أهل تلك القرية فضرب له المثل بذلك أي إذا اختلط من يستحق الإهلاك بغيره وتعين إهلاك الجميع طريقًا إلى إهلاك المستحق جاز إهلاك الجميع.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الحيوان وأبو داود في الأدب والنسائي في الصيد وابن ماجه.

١٥٤ - باب حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ

(باب) جواز (حرق الدور والنخيل) التي للمشركين وحرق بفتح الحاء وسكون الراء واعترضه في فتح الباري بأنه لا يقال في المصدر حرق، وإنما يقال تحريق واحراق لأنه رباعي. وقال الزركشي: الصواب إحراق وتعقبه في المصابيح بأن في المشارق والحرق يكون من النار والأعرف الإحراق فجعل الحرق معروفًا لا خطأ.

٣٠٢٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: "قَالَ لِي جَرِيرٌ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ -وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةَ- قَالَ فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، قَالَ: وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا. فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا. ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُخْبِرُهُ فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ أَوْ أَجْرَبُ. قَالَ فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ". [الحديث ٣٠٢٠ - أطرافه في: ٣٠٣٦، ٣٠٧٦، ٣٨٢٣، ٤٣٥٥، ٤٣٥٦ , ٤٣٥٧، ٦٠٨٩، ٦٣٣٣].

وبه قال: (حدّثنا مسدّد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي البجلي (قال: حدّثني) بالإفراد (قيس بن أبي حازم) بالمهملة والزاي (قال: قال لي جرير) بفتح الجيم ابن عبد الله الأحمسي -رضي الله عنه- (قال لي رسول الله):

(ألا تريحني) بفتح الهمزة وتخفيف اللام وبالراء والحاء المهملتين طلب يتضمن الأمر بإراحة قلبه المقدس (من ذي الخلصة) بالخاء المعجمة واللام بعدها صاد مهملة مفتوحات أو بفتح أوله وسكون ثانيه أو مهما أو بفتح ثم ضم والأول أشهر لأنه لم يكن شيء أتعب لقلبه عليه الصلاة والسلام من بقاء ما يشرك به من دون الله وخصّ جرير بذلك لأنها كانت في بلاد قومه وكان هو من أشرافهم. (وكان) ذو الخلصة (بيتًا) لصنم (في خثعم) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة وفتح العين المهملة كجعفر قبيلة شهيرة ينتسبون إلى خثعم بن أنمار بفتح الهمزة وسكون النون ابن إراش بكسر الهمزة وتخفيف الراء آخره شين معجمة أو اسم البيت الخلصة واسم الصنم ذو الخلصة، وضعفه الزمخشري

بأن ذو لا تضاف إلا إلى أسماء الأجناس (يسمى) أي ذو الخلصة (كعبة اليمانية) بالتخفيف لأنه بأرض اليمن ضاهوا به الكعبة البيت الحرام من إضافة الموصوف إلى الصفة، وجوّزه الكوفيون وهو عند البصريين بتقدير كعبة الجهة اليمانية.

(قال) جرير (فانطلقت) أي قبل وفاته عليه الصلاة والسلام بشهرين (في خمسين ومائة فارس من أحمس) بفتح الهمز وسكون الحاء المهملة وفتح الميم آخره سين مهملة قبيلة من العرب وهم إخوة بجيلة بفتح الموحدة وكسر الجيم رهط جرير ينتسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار وبجيلة امرأة تنسب إلى القبيلة المشهورة (وكانوا أصحاب خيل) أي يثبتون عليها لقوله: (قال: وكنت لا أثبت على الخيل فضرب) عليه الصلاة والسلام (في صدري) لأن فيه القلب (حتى رأيت أثر أصابعه) الشريفة (في صدري وقال):

(اللهمّ ثبّته) على الخيل (واجعله هاديًا) لغيره حال كونه (مهديًّا) بفتح الميم في نفسه، (فانطلق) جرير (إليها) إلى ذي الخلصة (فكسرها) أي هدم بناءها (وحرّقها) بتشديد الراء بأن رمى النار فيما فيها من الخشب (ثم بعث) جرير (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يخبره) بتكسيرها وتحريقها (فقال رسول جرير) هو

<<  <  ج: ص:  >  >>