للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا وجه له. وقال العيني: وهو صحيح لأنه جمع المؤنث السالم، وكذا قال ابن الملقن والزركشي، وتعقبه العلاّمة ابن الدماميني: بأن مذهب الكوفيين جواز إعرابه في حالة النصب بالفتح مطلقًا، وجوّزه قوم في محذوف اللام وعلى كلٍّ من الرأيين يكون لهذه الرواية وجهة، ومن ذا الذي أوجب اتباع المذهب البصري وألغى المذهب الكوفي حتى يقال بأن هذه الرواية لا وجه لها اهـ.

والمعنى انفروا جماعات متفرقة حال كونكم (سرايا) جمع سرية ممن يدخل دار الحرب مستخفيًا حال كونكم (متفرقين. يقال أحد الثبات) ولأبي ذر: واحد الثبات (ثبة). بضم المثلثة فيهما وهذا قول أبي عبيدة في المجاز.

٢٨٢٥ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ، لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا".

وبه قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم أبو حفص الباهلي البصري قال: (حدّثنا يحيى) القطان. ولأبي ذر: يحيى بن سعيد قال: (حدّثنا سفيان) هو الثوري (قال: حدّثني) بالإفراد (منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر المفسر (عن طاوس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يوم الفتح) فتح مكة:

(لا هجرة) واجبة من مكة إلى المدينة (بعد الفتح، ولكن جهاد) في الكفار (ونيّة، فإذا استنفرتم فانفروا) بهمزة وصل وكسر الفاء أي إذا طلبكم الإمام إلى الغزو فأخرجوا إليه وجوبًا فيتعيّن على من عيّنه الإمام، وكذا إذا وطئ الكفار بلدة للمسلمين وأظلوا عليها ونزلوا أمامها قاصدين ولم يدخلوا صار الجهاد فرض عين، فإن لم يكن في أهل البلدة قوة وجب على من يليهم وهل كان في الزمن النبوي فرض عين أو كفاية؟ قال الماوردي: كان عينًا على المهاجرين فقط. وقال السهيلي: كان عينًا على الأنصار دون غيرهم لمبايعتهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة العقبة على أن يؤوه وينصروه، وقيل: كان عينًا في الغزوة التي يخرج فيها عليه الصلاة والسلام دون غيرها، والتحقيق أنه كان عينًا على من عينه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حقه ولو لم يخرج عليه الصلاة والسلام.

وهذا الحديث قد سبق في باب فضل الجهاد.

٢٨ - باب الْكَافِرِ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ يُسْلِمُ فَيُسَدِّدُ بَعْدُ وَيُقْتَلُ

(باب) حكم (الكافر يقتل المسلم ثم يسلم) القاتل (فيسدد) بالسين المهملة وكسر الدال المهملة المشددة ولأبي ذر: فيسدد بفتح الدال المهملة (بعد) بالضم أي بعد قتله المسلم (ويقتل) بضم أوّله وفتح ثانيه.

٢٨٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(يضحك الله) عز وجل أي بقبل بالرضا (إلى رجلين) أي مسلم وكافر، وللنسائي: إن الله ليعجب من رجلين (يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة) زاد مسلم من طريق همام قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: (يقاتل هذا) أي المسلم (في سبيل الله) عز وجل (فيُقتل) أي فيقتله الكافر. زاد همام عند مسلم فيلج الجنة (ثم يتوب الله على القاتل) زاد همام أيضًا فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد في سبيل الله (فيستشهد). ولأحمد من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قيل: كيف يا رسول الله؟ قال: "يكون أحدهما كافرًا فيقتل الآخر ثم يسلم فيغزو فيقتل". قال ابن عبد البر: يستفاد من الحديث أن كل من قتل في سبيل الله فهو في الجنة اهـ.

ومطابقة الحديث للترجمة على ما سبق ظاهرة فلو قتل مسلم مسلمًا عمدًا بلا شبهة ثم تاب القاتل واستشهد في سبيل الله فقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لا تقبل توبته أخذًا بظاهر قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغَضِب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا} [النساء: ٩٣]. وفي رواية النسائي وأحمد وابن ماجه عن سالم بن أبي الجعد عنه أنه قال: إن الآية نزلت في آخر ما نزل ولم ينسخها شيء حتى قبض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وقد روى الإمام أحمد والنسائي من طريق إدريس الخولاني عن معاوية سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافرًا أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا". لكن ورد عن ابن عباس خلاف ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>