عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البئر حتى استخرجه فقال: هذه البئر التي أريتها. قال: فاستخرج فقلت: أفلا أي تنشرت. فقال: أما والله قد شفاني وأنا أكره أن أثير على أحد من الناس شرًّا.
١٥ - باب مَا يُحْذَرُ مِنَ الْغَدْرِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال: ٦٢] الآيَةَ
(باب ما يحذر) بسكون الحاء المهملة ولأبي ذر يحذر بفتح الحاء وتشديد الذال المعجمة (من الغدْر. وقوله تعالى). ولأبي ذر: وقول الله تعالى: ({وإن يريدوا أن يخدعوك}) أي وإن يرد الكفار بالصلح خديعة ليتقوّوا ويستعدّوا ({فإن حسبك الله}) [الأنفال: ٦٢]. أي كافيك وحده (الآية) أي إلى آخرها، ولابن عساكر: {فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره} إلى قوله: {عزيز حكيم}.
٣١٧٦ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ -وَهْوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ- فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ
مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَاّ دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا".
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا الوليد بن مسلم) أبو العباس القرشي قال: (حدّثنا عبد الله بن العلاء بن زبر) بفتح الزاي وسكون الموحدة وبالراء الربعيّ بفتح الراء والموحدة وكسر العين المهملة (قال: سمعت بسر بن عبيد الله) بضم الموحدة وسكون المهملة وعبيد الله بضم العين مصغرًا الحضرمي (أنه سمع أبا إدريس) عائذ الله الخولانيّ (قال: سمعت عوف بن مالك) الأشجعي (قال: أتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم) جلد مدبوغ وسقط لفظة "من" لأبي ذر وابن عساكر (فقال):
(أعدد ستًّا) من العلامات (بين يدي الساعة) لقيامها أو لظهور أشراطها المقتربة منها (موتى ثم فتح بيت المقدس ثم موتان) بضم الميم وسكون الواو آخره نون منوّنة الموت أو الكثير الوقوع والمراد به الطاعون ولابن السكن موتتان بلفظ الثثنية. قال في الفتح: وحينئذٍ فهو بفتح الميم قيل ولا وجه له هنا (يأخذ) الموتان (فيكم كقعاص الغنم) بضم القاف بعدها عين مهملة فألف فصاد مهملة داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة. ويقال: إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر ومات منه سبعون ألفًا في ثلاثة أيام وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس (ثم استفاضة المال) أي كثرته ووقع ذلك في خلافة عثمان -رضي الله عنه- عند فتح تلك الفتوح العظيمة (حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا) استقلالاً لذلك المبلغ وتحقيرًا له (ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته) أولها قتل عثمان -رضي الله عنه- (ثم هدنة) بضم الهاء وسكون الدال المهملة بعدها نون صلح على ترك القتال بعد التحرك فيه (تكون بينكم وبين بني الأصفر) وهم الروم (فيغدرون) بكسر الدال المهملة (فيأتونكم تحت ثمانين غاية) بغين معجمة فألف فتحتية أي راية. قال الجواليقي: لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف وإذا مشت تبعها (تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا) فجملة ذلك تسعمائة ألف وستون ألف رجل، وعند بعضهم فيما حكاه ابن الجوزي غابة في الموضعين بموحدة بدل التحتية وهي الأجمة فشبه كثرة الرماح بالأجمة. وفي حديث ذي مخبر بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الموحدة عند أبي داود في نحو هذا الحديث راية بدل غاية وفي أوله: ستصالحون الروم صلحًا أمنًا ثم تغزون أنتم وهم فتنصرون ثم تنزلون مرجًا فيرفع رجل من أهل الصليب فيقول: غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدفع فعند ذلك تغدر الروم ويجتمعون للملحمة فيأتون فذكره. وعند ابن ماجه مرفوعًا من حديث أبي هريرة: "إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثًا من الموالي يؤيد الله بهم الدين". وله من حديث معاذ بن جبل مرفوعًا: "الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر". وله من حديث عبد الله بن بسر رفعه: "بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين ويخرج الدجال في السابعة" وإسناده أصح من إسناد حديث معاذ.
ورواة حديث الباب كلهم شاميون إلا شيخ المؤلّف فمكيّ.
١٦ - باب كَيْفَ يُنْبَذُ إِلَى أَهْلِ الْعَهْدِ؟ وَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] الآيَةَ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (كيف ينبذ) بضم أوله وآخره معجمة مبنيًا للمفعول أي يطرح (إلى أهل العهد وقوله) ولأبي ذر وقول الله سبحانه: ({وإما تخافن}) يا محمد ({من قوم}) معاهدين ({خيانة}) نقض عهد بإمارات تلوح لك ({فانبذ إليهم}) فاطرح إليهم عهدهم ({على سواء}) [الأنفال: ٥٨]. على عدل وطريق قصد في العهد