للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن علية (قال: أخبرنا ابن جريج) بضم الجيم الأولى، عبد الملك (قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (أنّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: في كل صلاة يقرأ) القرآن وجوبًا، سواء كان سرًا أو جهرًا، ويقرأ بالبناء للمفعول.

وللأصيلي وابن عساكر: نقرأ بالنون المفتوحة مبنيًّا للفاعل، أي نحن نقرأ، كذا هو موقوف، لكن روي مرفوعًا عند مسلم من رواية أبي أسامة عن حبيب بن الشهيد، بلفظ: لا صلاة إلا بقراءة. إلا أن الدارقطني أنكره على مسلم وقال: إن المحفوظ عن أبي أسامة وقفه كما رواه أصحاب ابن جريج.

وكذا رواه أحمد عن يحيى القطان وأبي عبيد الحداد، كلاهما عن حبيب المذكور، موقوفًا.

وأخرجه أبو عوانة من طريق يحيى بن أبي الحجاج عن ابن جريج، كرواية الجماعة، لكن زاد في آخره: وسمعته يقول: لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب، فظاهره أن ضمير سمعته للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيكون مرفوعًا بخلاف رواية الجماعة.

نعم، قوله: (فما أسمَعَنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم) يشعر بأن جميع ما ذكر متلقى عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيكون للجميع حكم الرفع. وسقط لفظ عنكم للأربعة، وزاد مسلم في روايته عن أبي خيثمة وغيره من إسماعيل: فقال له الرجل: وإن لم أزد؟ قال: (وإن لم تزد

على أم القرآن أجزأت) من الإجزاء. وهو الأداء الكافي، لسقوط التعبد. وللقابسي: جزت بغير همز ومفهومه أن الصلاة بغير الفاتحة لا تجزئ، فهو حجة على الحنفية. (وإن زدت) عليها (فهو خير) لك.

ورواة هذا الحديث خمسة، وفيه التحديث والإخبار والسماع والقول، وأخرجه مسلم، وقد تكلم يحيى بن معين في حديث إسماعيل بن علية عن ابن جريج خاصة، لكن تابعه عليه جماعة، فقوي والله المعين.

١٠٥ - باب الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ

وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: طُفْتُ وَرَاءَ النَّاسِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَيَقْرَأُ بِالطُّورِ.

(باب الجهر بقراءة صلاة الفجر) ولأبي ذر: صلاة الصبح.

(وقالت أم سلمة) مما وصله المؤلّف في الحج: (طفت) بالكعبة (وراء الناس، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي) أي الصبح (ويقرأ بالطور) وللأصيلي وابن عساكر: يقرأ، بغير واو.

٧٧٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَاّ شَىْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا: {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {قُلْ أُوحِيَ إِلَىَّ} وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ". [الحديث ٧٧٣ - طرفه في: ٤٩٢١].

وبه قال (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا أبو عوانة) الوضاح (عن أبي بشر) بالموحدة المكسورة والمعجمة الساكنة، ولأبي ذر والأصيلي: هو جعفر بن أبي وحشية، كذا في الفرع، واسم أبي وحشية إياس (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس) وللأصيلي، عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما، قال: انطلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قبل الهجرة بثلاث سنين (في طائفة) ما فوق الواحد (من أصحابه) حال كونهم (عامدين) أي قاصدين (إلى سوق عكاظ) بضم المهملة وتخفيف الكاف آخره

معجمة، بالصرف وعدمه كما في الفرع وأصله، قال السفاقسي: هو من إضافة الشيء إلى نفسه، لأن عكاظ اسم سوق للعرب بناحية مكة، قال في المصابيح: لعل العلم هو مجموع قولنا: سوق عكاظ، كما قالوا في شهر رمضان، وإن قالوا: عكاظ فعلى الحذف، كقولهم: رمضان (وقد حيل) أي حجز (بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب) بضم الهاء جمع شهب، وهو شعلة نار ساطعة ككوكب ينقض (فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟، فقالوا) بالفاء، ولغير أبي ذر: قالوا: (حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب قالوا) أي الشياطين: (ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا) أي سيروا (مشارق الأرض ومغاربها) أي فيهما، فالنصب على الظرفية (فانظروا) وللأصيلي وابن عساكر: وانظروا (ما هذا الذي) بإثبات اسم الإشارة، ولابن عساكر: ما الذي (حال بينكم وبين خبر السماء) ولغير ابن عساكر: حيل، لكنه في اليونينية ضبب عليها وشطب (فانصرف أولئك) الشياطين (الذين توجهوا نحو تهامة) بكسر التاء، مكة. وكانوا من جنّ نصيبين (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو بنخلة) بفتح النون وسكون الخاء المعجمة، غير منصرف للعلمية، والتأنيث موضع على ليلة من مكة، حال كونهم (عامدين إلى سوق عكاظ، وهو) عليه الصلاة والسلام (يصلّي صلاة الفجر) الصبح (فلما سمعوا القرآن استمعوا له) أي قصدوه وأصغوا إليه، وهو ظاهر في الجهر المترجم له (فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم، وقالوا) بالواو، وفي رواية قالوا: وهو العامل في ظرف المكان ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: فقالوا: بالفاء، وحينئذٍ فالعامل في الظرف: رجعوا، مقدّرًا يفسره المذكور ({يا قومنا إنّا سمعنا قرآنًا عجبًا}) بديعًا مباينًا لسائر الكتب من حسن نظمه، وصحة معانيه، وهو مصدر وصف به للمبالغة ({يهدي إلى الرشد}) يدعو إلى الصواب ({فآمنا به}) أي بالقرآن ({ولن نشرك بربنا أحدا}) [الجن: ٢٠١] فأنزل الله تعالى على نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ({قل أوحي إليّ}) زاد الأصيلي: {أنه استمع نفر من الجن} (وإنما أوحي إليه قول الجن).

وأراد بقول الجن الذي قصه ومفهومه: أنّ الحيلولة بين الشياطين وخبر السماء حدثت بعد نبوّة نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولذلك أنكرته الشياطين، وضربوا مشارق الأرض ومغاربها ليعرفوا خبره، ولهذا كانت الكهانة فاشية في العرب، حتى قطع بينهم وبين خبر السماء، فكان رميها من دلائل النبوّة.

لكن في مسلم ما يعارض ذلك، فمن ثمة وقع الاختلاف، فقيل: لم تزل الشهب منذ كانت الدنيا، وقيل: كانت قليلة فغلظ أمرها وكثرت بعد البعث.

وذكر المفسرون أن حراسة السماء والرمي بالشهب كان موجودًا، لكن عند حدوث أمر عظيم من عذاب ينزل بأهل الأرض، أو إرسال رسول إليهم، وقيل كانت الشهب مرئية معلومة، ولكن رمي الشياطين بها وإحراقهم لم يكن إلا بعد النبوّة.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري وواسطي وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير، ومسلم في الصلاة، والترمذي والنسائي في التفسير، وهذا الحديث مرسل صحابي لأن ابن عباس لم يرفعه ولا هو مدرك للقصة.

٧٧٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا أُمِرَ، وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

وبه قال: (حدّثنا مسدّد) بن مسرهد (قال: حدّثنا إسماعيل) بن علية (قال: حدّثنا أيوب) السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>