حرّم ليس فيها ذكر الرسول ﵊(و) حرم بيع (الميتة والخنزير) لنجاستهما فيتعدى إلى كل نجاسة (و) حرم بيع (الأصنام) لعدم المنفعة المباحة فيها فيتعدى إلى معدوم الانتفاع شرعًا فبيعها حرام ما دامت على صورتها فلو كسرت وأمكن الانتفاع برضاضها جاز بيعها عند الشافعية وبعض الحنفية. نعم في بيع الأصنام والصور المتخذة من جوهر نفيس وجه عند الشافعية بالصحة والمذهب المنع مطلقًا وبه أجاب عامة الأصحاب (فقيل) لم يسمّ القائل وفي رواية عبد الحميد الآتية إن شاء الله تعالى فقال رجل: (يا رسول الله أرأيت) أخبرني (شحوم الميتة فإنها) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: فإنه بالتذكير (يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود) بضم أول يطلى وفتح ثالثه كيدهن مبنيان للمفعول (ويستصبح بها الناس) أي يجعلونها في سرجهم ومصابيحهم يستضيئون بها فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع فإنها مقتضية لصحة البيع كالحمر الأهلية فإنها وإن حرم أكلها يجوز بيعها لما فيها من المنافع، (فقال)﵊: (لا) تبيعوها (هو) أي بيعها (حرام) لا الانتفاع بها. نعم يجوز نقل الدهن النجس إلى الغير بالوصية كالكلب وأما هبته والصدقة به فعن القاضي أبي الطيب منعهما، لكن قال في الروضة: ينبغي أن يقطع بصحة الصدقة به للاستصباح ونحوه، وقد جزم المتولي بأنه يجوز نقل اليد فيه بالوصية وغيرها انتهى.
ومنهم من حمل قوله هو حرام على الانتفاع فلا ينتفع من الميتة بشيء عندهم إلا ما خص بالدليل وهو الجلد المدبوغ وأما المتنجس الذي يمكن تطهيره كالثوب والخشبة فيجوز بيعه لأن جوهره طاهر.
(ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك) أي عند قوله حرام (قاتل الله اليهود) أي لعنهم (إن الله لما حرم) عليهم (شحومها) أي أكل شحوم الميتة (جملوه) أي المذكور وعند الصنعاني أجملوه بالألف والأولى أفصح أي أذابوه واستخرجوا دهنه (ثم باعوه فأكلوا ثمنه).
وهذا الحديث قد سبق قريبًا، وأخرجه أيضًا في المغازي وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
(قال أبو عاصم) الضحاك بن مخلد أحد شيوخ البخاري فيما وصله الإمام أحمد: (حدّثنا عبد الحميد) بن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم الأنصاري قال: (حدّثنا يزيد) من الزيادة ابن أبي حبيب قال: (كتب إليّ عطاء) هو ابن أبي رباح قال: (سمعت جابرًا ﵁ عن النبي ﷺ) واختلف في الاحتجاج بالكتابة فاحتج بها الشيخان، وقال ابن الصلاح إنه الصحيح المشهور، وقال أبو بكر بن السمعاني إنها أقوى من الإجازة ومن قال بالمنع علل بأن الخطوط تشتبه.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام ابن أنس الأصبحي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحرث بن هشام (عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو (الأنصاري ﵁ أن رسول الله ﷺ نهى) نهي تحريم (عن ثمن الكلب) المعلم وغيره مما يجوز اقتناؤه أو لا وهذا مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما وعلة المنع عند الشافعي نجاسته مطلقًا وعند غيره ممن لا يرى نجاسته النهي عن اتخاذه والأمر بقتله وما لا ثمن له لا قيمة له إذا قتل فلو قتل كلب صيد أو ماشية لا يلزمه قيمته. وقال أبو حنيفة وصاحباه وسحنون من المالكية: الكلاب التي ينتفع بها يجوز بيعها وأثمانها لأنه حيوان منتفع به حراسة واصطيادًا، ولحديث جابر عند النسائي قال: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب إلا كلب صيد، لكن الحديث ضعيف باتفاق أئمة الحديث كما بيّنه النووي في شرح المهذّب كغيره نحو حديث إلا كلبًا ضاربًا، وحديث: إن عثمان غرّم إنسانًا ثمن كلب قتله عشرين بعيرًا. وقال المالكية: لا يجوز بيع الكلب المنهي عن اتخاذه باتفاق لورود النهي عن بيعه وعن اتخاذه، وأما المأذون في اتخاذه ككلب الصيد ونحوه فلا يجوز بيعه على المشهور لورود النهي عن