بيعه وشهر بعضهم جواز بيعه ولم يقر هذا التشهير عند الشيخ خليل فلم يذكره، وقال القرطبي: مشهور ومذهب مالك جواز اتخاذ الكلب وكراهة بيعه ولا يفسخ إن وقع وكأنه لما لم يكن عنده نجسًا وأذن في اتخاذه لمنافعه الجائزة كان حكمه حكم جميع المبيعات، لكن الشرع نهى عن بيعه تنزيهًا لأنه ليس من مكارم الأخلاق.
(و) نهى ﵊ عن (مهر البغي) بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد التحتية فعيل بمعنى فاعلة يستوي فيه المذكر والمؤنث ما تأخذه الزانية على الزنا وسماه مهرًا لكونه على صورته
وهو حرام بالإجماع (و) عن (حلوان الكاهن) بضم الحاء المهملة وسكون اللام مصدر حلوته حلوانًا إذا أعطيته وأصله من الحلاوة وشبه بالشيء الحلو من حيث أخذه حلوًا سهلاً بلا كلفة ولا مشقة يقال حلوته إذا أطعمته الحلو، والمراد هنا ما يأخذه الذي يدعي مطالعة الغيب ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدّعون أنهم يعرفون كثيرًا من الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رئيًا من الجن وتابعة تلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه ومنهم من كان يسمى عرّافًا وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات يستدل بها على مواقعها كالشيء يسرق فيعرف المظنون به السرقة وتتهم المرأة فيعرف من صاحبها، ومنهم من يسمي المنجم كاهنًا فالحديث شامل لهؤلاء كلهم.
قال الخطابي: وأخذ العوض على مثل هذا وإن لم يكن منهيًّا عنه فهو من أكل المال بالباطل ولأن الكاهن يقول ما لا ينتفع به ويعان بما يعطاه على ما لا يحل.
قال القرطبي: وأما التسوية في النهي بين الكلب وبين مهر البغي وحلوان الكاهن فمحمول على الكلب الذي لم يؤذن في اتخاذه وعلى تقدير العموم في كل كلب فالنهي في هذه الثلاثة للقدر المشترك من الكراهة وهو أعم من التحريم والتنزيه إذ كل واحد منها منهي عنه ثم يؤخذ خصوص كل واحد منها من دليل آخر فإنّا عرفنا تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن من الإجماع لا من مجرد النهي ولا يلزم من الاشتراك في العطف الاشتراك في جميع الوجوه إذ قد يعطف الأمر على النهي والإيجاب على النفي انتهى.
وهذا بناء على ما قاله من أن المشهور جواز اتخاذه مطلقًا أما على ما شهره الشيخ خليل فلا.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الإجازة والطلاق والطب ومسلم في البيوع وكذا أبو داود، وأخرجه الترمذي فيه وفي النكاح والنسائي فيه وفي الصيد وابن ماجة في التجارات.
٢٢٣٨ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الأَمَةِ. وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ".
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم السلمي الأنماطي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد (عون بن أبي جحيفة) بجيم مضمومة وبعد الحاء المهملة المفتوحة تحتية ساكنة ففاء وعون بفتح العين وسكون الواو السوائي (قال: رأيت أبي) أي أبا جحيفة وهب بن عبد الله (اشترى حجامًا) زاد هنا في رواية أبوي ذر والوقت عن الكشميهني فأمر بمحاجمه فكسرت بفتح الميم جمع محجم بكسرها الآلة التي يحجم بها الحجام (فسألته عن ذلك) أي سألت أبي عن سبب كسر المحاجم (فقال):
(إن رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الدم) أي عن أجرة الحجامة وأطلق عليه الثمن تجوّزًا (و) عن (ثمن الكلب) مطلقًا لنجاستهما أو عن غير كلب الصيد والماشية (و) عن (كسب الأمة) إذا كان من وجه لا يحل كالزنا لا كنحو الخياطة من الكسب المباح.
وفي حديث رفاعة بن رافع عند أبي داود مرفوعًا: نهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها وقال هكذا بأصبعه نحو الغزل والنفش وهو بالفاء أي نفش الصوف وقيل المراد جميع كسبها. قال في الفتح وهو من باب سد الذرائع لأنها تؤمن إذا التزمت بالكسب أن تكتسب بفرجها فالمعنى أنه لا يجعل عليها خراج معلوم تؤدّيه كل يوم.
(ولعن) ﵊ (الواشمة) التي تغرز الجلد بالإبر ثم تحشوه بالكحل (والمستوشمة) وفي باب موكل الربا والموشومة أي المفعول بها ذلك لأن ذلك من عمل الجاهلية وفيه تغيير لخلق الله تعالى (و) لعن ﵊ أيضًا (أكل الربا وموكله) لأنه