والسلام (منها قالت له سودة: يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال):
(لا) ما أكلتها (قالت) له: (فما هذه الريح التي أجد) ها (منك؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (سقتني حفصة شربة عسل) وسقط لابن عساكر عسل (فقالت) سودة (جرست) رعت (نحله العرفط) شجر المغافير وقالت عائشة: (فلما دار إليّ) بتشديد الياء (قلت له) عليه الصلاة والسلام وسقط لأبي ذر له (نحو ذلك) القول الذي قلت لسودة أن تقوله له (فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك) عبّر بقوله نحو ذلك في إسناد القول لعائشة وبقوله مثل ذلك في إسناده لصفية لأن عائشة لما كانت المبتكرة لذلك عبّرت عنه بأي لفظ أرادت، وأما صفية فإنها مأمورة يقول ذلك فليس لها أن تتصرف فيه، ولكن وقع التعبير بلفظ مثل في الموضعين في رواية أبي أسامة فيحتمل أن يكون ذلك من تصرف الرواة (فلما دار إلى حفصة) في اليوم الآخر (قالت) له: (يا رسول الله: ألا) بالتخفيف (أسقيك منه)؟ من العسل (قال: لا حاجة لي فيه) لما وقع من توارد النسوة الثلاث على أنه نشأت له من شربه ريح كريهة فتركه حسمًا للمادّة (قالت) عائشة: (تقول سودة والله لقد حرمناه) بتخفيف الراء معناه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من العسل. قالت عائشة:(قلت لها) أي لسودة (اسكتي) لئلا يفشو ذلك فيظهر ما دبّرته لحفصة وهذا منها على مقتضى طبيعة النساء في الغيرة وليس بكبيرة بل صغيرة معفوّ عنها مكفّرة.
هذا (باب) بالتنوين (لا طلاق قبل النكاح) فلو قال لأجنبية: إن تزوّجتك فأنت طالق فلغو للحديث المروي عند أبي داود. وقال الترمذي: حسن صحيح لا طلاق إلا بعد نكاح، وللحاكم من رواية جابر: لا طلاق لمن لا يملك، وقال: صحيح على شرطهما أي لا طلاق واقع (وقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات}) أي تزوّجتم والنكاح هو الوطء في الأصل
وتسمية العقد نكاحًا لملابسته له من حيث إنه طريق له كتسمية الخمر إثمًا لأنها سببه ولم يرد لفظ النكاح في القرآن إلا في معنى العقد لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به ومن آداب القرآن الكناية عنه ({ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدّة تعتدّونها فمتعوهن وسرحوهن سراحًا جميلًا})[الأحزاب: ٤٩] ولا تمسكوهن ضرارًا وسقط لأبي ذر قوله باب إلى آخر قوله وقول الله تعالى وثبت عنده: {يا أيها الذين آمنوا} لكن قال الحافظ ابن حجر: إن لفظ الباب أيضًا ثابت عنده وذكر الآية إلى قوله: {من عدّة} وحذف الباقي وقال: الآية. قلت وكذا هو ثابت في اليونينية.
(وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما أخرجه أحمد:(جعل الله الطلاق بعد النكاح) وروى ابن خزيمة والبيهقي من طريقه عن سعيد بن جبير سئل ابن عباس عن الرجل يقول: إن تزوّجت فلانة فهي طالق فقال: ليس بشيء إنما الطلاق لما ملك، قالوا: فابن مسعود كان يقول: إذا وقت وقتًا فهو كما قال، قال: يرحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال لقال الله: إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
(ويروى) ولابن عساكر وروي (في ذلك) أي في أن لا طلاق قبل النكاح (عن علي) -رضي الله عنه- فيما رواه عبد الرزاق برجال ثقات من طريق الحسن البصري قال: سأل رجل عليًّا قال: قلت إن تزوّجت فلانة فهي طالق فقال عليّ: ليس بشيء لكن الحسن لم يسمع من علي، وقد روي مرفوعًا فيما أخرجه البيهقي وأبو داود عن علي قال: حفظت من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا طلاق إلا من بعد نكاح ولا يتم بعد احتلام (و) عن (سعيد بن المسيب) فيما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن جريج بلفظ أخبرني عبد الكريم الجزري أنه سأل سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح عن طلاق الرجل ما لم ينكح فكلهم قال لا طلاق قبل أن ينكح إن سماها وإن لم يسمها (و) عن (عروة بن الزبير) بن العوّام مما رواه سعيد بن منصور بسند صحيح حدّثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة أن أباه كان يقول كل طلاق أو عتق قبل الملك فهو باطل (و) عن (أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام (وعبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة)