بضم الميم وسكون اللام (إلا الله) ولا صريح في النفي وإلاّ في الإثبات فيقتضي الحصر ولأبي ذر عن الكشميهني لا ملك إلا الله تعالى بفتح الميم وكسر اللام (فوصفه بانتهاء الملك) بضم الميم وهو عبارة عن انقطاع الملك عنده أي لا ملك بعده فالملك الحقيقي لله تعالى وقد يطلق على غيره مجازًا كما قال: (ثم ذكر الملوك أيضًا فقال: ﴿إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها﴾) [النمل: ٣٤] وهو جمع ملك.
٦١٨٣ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَيَقُولُونَ الْكَرْمُ إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(ويقولون) الواو عاطفة على محذوف أي لا يقولون الكرم قلب المؤمن ويقولون (الكرم) شجر العنب فالكرم مبتدأ محذوف الخبر ويجوز أن يكون خبرًا أي يقولون شجر العنب الكرم (إنما الكرم قلب المؤمن) لما فيه من نور الإيمان وتقوى الإسلام، وليس المراد حقيقة النهي عن تسمية العنب كرمًا بل المراد بيان المستحق لهذا الاسم المشتق من الكرم، وفي حديث سمرة عند البزار والطبراني مرفوعًا: إن اسم الرجل المؤمن في الكتب الكرم من أجل ما كرمه الله على الخليقة وأنكم تدعون الحائط من العنب الكرم الحديث. وقال ابن الأنباري: إنهم سموا العنب كرمًا لأن الخمر المتخذ منه يحث على السخاء ويأمر بمكارم الأخلاق حتى قال شاعرهم:
والخمر مشتقة المعنى من الكرم
فلهذا نهى عن تسمية العنب بالكرم حتى لا يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ الكرم، وجعل المؤمن الذي يتقي شربها ويرى الكرم في تركها أحق بهذا الاسم الحسن.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب أيضًا.
١٠٣ - باب قَوْلِ الرَّجُلِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى
فِيهِ الزُّبَيْرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
(باب قول الرجل) لغيره (فداك) بفتح الفاء والقصر (أبي وأمي. فيه) أي في هذا القول ما رواه (الزيير) بن العوّام (عن النبي ﷺ) السابق موصولاً في مناقبه بلفظ جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الأحزاب في النساء الحديث، وفيه قول الزبير فلما رجعت جمع لي النبي ﷺ أبويه فقال: فداك أبي وأمي أي تفدى بهما، وسقط قوله عن النبي ﷺ لغير أبي ذر.
٦١٨٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِىٍّ ﵁ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُفَدِّى أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «ارْمِ فَدَاكَ أَبِى وَأُمِّى» أَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بضم الميم وفتح المهملة ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري أنه قال: (حدثني) بالإفراد (سعد بن إبراهيم) بسكون العين ابن عبد الرحمن بن عوف (عن عبد الله بن شداد) بالشين المعجمة وتشديد الدال الأولى المهملة ابن الهاد الليثي المدني (عن علي ﵁) أنه (قال: ما سمعت رسول الله ﷺ يفدي) بضم التحتية وفتح الفاء وكسر الدال المهملة المشددة ولأبي ذر عن الكشميهني يفدي بفتح أوّله وسكون الفاء (أحدًا غير سعد) هو ابن أبي وقاص ﵁ (سمعته يقول) له:
(ارم) قريشًا بالنبل (فداك أبي وأمي) وهذا لا يناف سماع غيره ففي غيره فقد صح أنه فدى الزبير كما مر لكنه لا يرد على عليّ ﵁ لأنه إنما نفى سماعه لنفي تفدية غير سعد (أظنه) أي صدور هذا كان (يوم) غزوة (أُحُد) وذاك في المغازي يوم أحد بالجزم من غير شك.
والحديث قد سبق في المغازي والجهاد.
١٠٤ - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِىِّ ﷺ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا.
(باب) جواز (قول الرجل) لمن يحبه من عالم أو غيره (جعلني الله فداءك) بكسر الفاء والمدّ. (وقال أبو بكر) الصديق ﵁ فيما سبق موصولاً في الهجرة من حديث أبي سعيد
(للنبي ﷺ) لما قال: إن عبدًا خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله (فديناك بآبائنا وأمهاتنا).
٦١٨٥ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِىُّ ﷺ وَالْمَرْأَةُ وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: أَحْسِبُ اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَىْءٍ؟ قَالَ: «لَا وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ» فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَوْ قَالَ: أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ النَّبِىُّ ﷺ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.
وبه قال: (حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا بشر بن المفضل) بالموحدة المكسورة والمعجمة الساكنة والمفضل بفتح الضاد المعجمة المشددة ابن لاحق البصري قال: (حدّثنا يحيى بن أبي إسحاق) مولى الحضارمة (عن أنس بن مالك أنه أقبل هو وأبو طلحة) زيد بن سهل الأنصاري عن عسفان إلى المدينة (مع النبي ﷺ ومع النبي ﷺ صفية) بنت حييّ أم المؤمنين حال كونه (مردفها) ولأبي ذر مردفها بالرفع