فقاعدًاً أجوز لأنه أمكن.
(ثم دعا) ﷺ (بماء فجئته بماء فتوضأ) به وزاد عيسى بن يونس فيه عن الأعمش ما أخرجه ابن عبد البر في التمهيد بسند صحيح أن ذلك كان بالمدينة واستنبط من الحديث جواز البول بالقرب من الديار وأن مدافعة البول مكروهة.
ورواته الخمسة ما بين خراساني وكوفي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الطهارة وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
٦١ - باب الْبَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالْحَائِطِ
(باب البول) أي حكم بول الرجل (عند صاحبه والتستر) أي وبيان حكم تستره (بالحائط) فأل في البول بدل من المضاف إليه وهو كما قدرنا والضمير في صاحبه يرجع إلى المضاف إليه المقدّر وهو الرجل البائل.
٢٢٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ ﷺ نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَىَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغ.
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) نسبه لجده الأعلى لشهرته به وإلاّ فاسم أبيه محمد بن إبراهيم الكوفي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين (قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق الكوفي (عن حذيفة) بن اليمان ﵁ (قال):
(رأيتني) بضم المثناة الفوقية فعل وفاعل ومفعول وجاز كون الفاعل والمفعول واحدًا لأن أفعال القلوب يجوز فيها ذلك (أنا والنبي) بالنصب عطفًا على الضمير المنصوب على المفعولية أي رأيت نفسي، ورأيت النبي وأنا للتأكيد ولصحة عطف لفظ النبي على الضمير المذكور ويجوز رفع النبي عطفًا على أنا وكلاهما بفرع اليونينية (ﷺ) حال كوننا (نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط) أي جدار (فقام) ﷺ (كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت) بنون فمثناة فوقية فموحدة فمعجمة أي ذهبت ناحية (منه فاشار إليّ) ﵊ بيده أو برأسه (فجئته) فقال: يا حذيفة استرني كما عند الطبراني من حديث عصمة بن مالك (فقمت عند عقبه) بالإفراد وللأصيلي عقبيه (حتى فرغ) وفي
إشارته ﵊ لحذيفة دليل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه، والمعنى في إدنائه إياه مع استحباب الإبعاد في الحاجة أن يكون سترًا بينه وبين الناس إذ السباطة إنما تكون في الأفنية المسكونة أو قريبًا منها ولا تكاد تخلو عن مارّ وإنما انتبذ حذيفة لئلا يسمع شيئًا مما يقع في الحدث، فلما بال ﵊ قائمًا وأمن منه ذلك أمره بالقرب منه.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ورازي.
٦٢ - باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ
(باب) حكم (البول عند سباطة قوم).
٢٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ وَيَقُولُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عرعرة) بعينين وراءين مهملات (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق (قال):
(كان أبو موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري) ﵁ (يشدد في) الاحتراز من (البول) حتى كان يبول في قارورة خوفًا من أن يصيبه شيء من رشاشه (ويقول إن بني إسرائيل) بني يعقوب، وإسرائيل لقبه لأنه لما فاز بدعوة أبيه إسحاق دون أخيه عيصو توعده بالقتل فلحق بخاله ببابل أو بحران فكان يسير بالليل ويكمن بالنهار فسمي لذلك إسرائيل (كان) شأنهم (إذا أصاب) البول (ثوب أحدهم قرضه) أي قطعه، وللإسماعيلي قرضه بالمقراض، ولمسلم إذا أصاب جلد أحدهم أي الذي يلبسه أو جلد نفسه على ظاهره، ويؤيده رواية أبي داود إذا أصاب جسد أحدهم لكن رواية المؤلف صريحة في الثياب، فيحتمل أن بعضهم رواه بالمعنى (فقال حذيفة) بن اليمان (ليته) أي أبا
موسى الأشعري (أمسك) نفسه عن هذا التشديد فإنه خلاف السُّنّة، فقد (أتى رسول الله ﷺ سباطة قوم فبال قائمًا) فلم يتكلف البول في القارورة، واستدل به مالك على الرخصة في مثل رؤوس الإبر من البول. نعم يقول بغسلها استحبابًا، وأبو حنيفة يسهل فيها كيسير كل النجاسات، وعند الشافعي يغسلها وجوبًا، وفي الاستدلال على الرخصة المذكورة ببوله ﵇ قائمًا نظر لأنه ﵊ في تلك الحالة لم يصل إليه منه شيء. قال ابن حبان: إنما بال قائمًا لأنه لم يجد مكانًا يصلح للقعود فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة عاليًا فأمن من أن يرتد عليه شيء من بوله أو كانت