الإسراء من التفسير.
٧٥٢٦ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] فِى الدُّعَاءِ.
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا وكان اسمه عبد الله القرشي الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: نزلت هذه الآية: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها﴾ [الإسراء: ١١٠] في الدعاء). هذا وجه آخر في سبب نزول هذه الآية أو هو من باب إطلاق الكل على الجزء إذ الدعاء بعض أجزاء الصلاة. وسبق في الإسراء.
٧٥٢٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ -وَزَادَ غَيْرُهُ- يَجْهَرُ بِهِ».
وبه قال: (حدّثنا إسحاق) هو ابن منصور وقال الحاكم ابن نصر ورجح الأول أبو علي الجياني قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك النبيل شيخ المؤلف روي عنه كثيرًا بلا واسطة قال:
(أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (أخبرنا ابن شهاب) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) ﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(ليس منا) أي ليس من أهل سُنّتنا (من لم يتغن بالقرآن) أي يحسن صوته به كما قاله الشافعي وأكثر العلماء. وقال سفيان بن عيينة يستغني به عن الناس (وزاد غيره) غير أبي هريرة وفي فضل القرآن وقال صاحب له معنى يتغنى بالقرآن (يجهر به). فهي جملة مبينة لقوله يتغن بالقرآن، فلن يكون المبين على خلاف البيان، فكيف يحمل على غير تحسين الصوت. والصاحب المذكور هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب كما سبق في فضل القرآن.
وقال في الفتح: وسيأتي قريبًا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بلفظ ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به فيستفاد منه أن الغير المبهم في حديث الباب وهو الصاحب المبهم في رواية عقيل هو محمد بن إبراهيم التيمي والحديث واحد إلا أن بعضهم رواه بلفظ: ما أذن، وبعضهم بلفظ: ليس منا.
قال ابن بطال: مراد البخاري بهذا الباب إثبات العلم لله تعالى صفة ذاتية لاستواء علمه بالجهر من القول والسر وتعقبه ابن المنير فقال ما أظن أنه قصد بالترجمة إثبات العلم وليس كما ظن وإلا لتقاطعت المقاصد مما اشتملت عليه الترجمة لا سيما بين العلم وبين حديث ليس منا من لم يتغن بالقرآن، وإنما قصد البخاري الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته بمسألة اللفظ فأشار بالترجمة إلى أن تلاوات الخلق تتّصف بالسر والجهر ويستلزم أن تكون مخلوقة وأنها تسمى تغنيًا وهذا هو الحق اعتقادًا لا إطلاقًا حذرًا من الإيهام وفرارًا من الابتداع لمخالفة السلف في الإطلاق وقد ثبت عن البخاري أنه قال من نقل عني أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فقد كذب، وإنما قلت إن أفعال العبادة مخلوقة.
٤٥ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ فَبَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ قِيَامَهُ بِالْكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ». وَقَالَ: «﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾ [الروم: ٢٢] وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: ٧٧]».
(باب قول النبي ﷺ) في حديث الباب (رجل آتاه الله) ﷿ (القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار) ولأبي ذر عن الكشميهني آناء الليل وآناء النهار (ورجل يقول لو أُوتيت مثل ما أُوتي هذا فعلت كما يفعل) وقال البخاري (فبين الله أن قيامه) أي قيام الرجل (بالكتاب هو فعله) حيث
أسند القيام إليه وسقط لأبي ذر والأصيلي لفظ الجلالة ولأبي ذر عن الكشميهني فبين النبي ﷺ أن قراءته الكتاب.
(وقال) تعالى: ﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم﴾) أي اللغات أو أجناس النطق وأشكاله وهو يشمل الكلام فتدخل القراءة (﴿وألوانكم﴾ [الروم: ٢٢]) كالسواد والبياض وغيرهما ولاختلاف ذلك وقع التعارف إلا فلو تشاكلت الألسن والألوان واتفقت لوقع التجاهل والالتباس ولتعطلت المصالح وفي ذلك آية بيّنة حيث ولدوا من أب واحد وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلا الله متفاوتون (وقال جل ذكره: ﴿وافعلوا الخير﴾) عام يتناول سائر الخيرات كقراءة القرآن والذكر والدعاء أو أريد به صلة الأرحام ومكارم الأخلاق (﴿لعلكم تفلحون﴾ [الحج: ٧٧]) أي كي تفوزوا وافعلوا هذا كله وأنتم راجون للفلاح غير مستيقنين ولا تتكلوا على أعمالكم.
٧٥٢٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَحَاسُدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَهْوَ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهْوَ يُنْفِقُهُ فِى حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي صالح)