الآية نزلت في أنس بن النضر) بالنون المفتوحة والضاد المعجمة الساكنة ابن ضمضم الأنصاري (﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾) وكان قتل يوم أُحد.
٤٧٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (خارجة بن زيد بن ثابت) الأنصاري (أن) أباه (زيد بن ثابت قال: لما نسخنا الصحف) التي كانت عند حفصة (في المصاحف) بأمر عثمان ﵁ (فقدت) بفتح الفاء والقاف (آية من سورة الأحزاب كنت أسمع) ولأبوي ذر والوقت عن المستملي: كنت كثيرًا أسمع (رسول الله ﷺ يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة) أي ابن ثابت (الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين) خصوصية له وهي قوله تعالى: (﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾) لا يقال إن ثبوتها كان بطريق الآحاد والقرآن إنما يثبت بالتواتر لأنها كانت متواترة عندهم، ولذا قال: كنت أسمع النبي ﷺ يقرؤها، وقد قال عمر: أشهد لقد سمعتها من رسول الله، وعن أبيّ بن كعب وهلال بن أمية وغيره مثله.
وهذا الحديث قد سبق في أوائل الجهاد في باب قوله: ﴿من المؤمنين رجال﴾.
٤ - باب قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٨] وَقَالَ مَعْمَرٌ التَّبَرُّجُ: أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا. سُنَّةَ اللَّهِ اسْتَنَّهَا: جَعَلَهَا
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (قوله: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا﴾) السعة والتنعم فيها وذلك أنهن سألنه من عرض الدنيا وطلبن منه زيادة في النفقة وآذينه بغيرة بعضهن (﴿وزينتها﴾) أي زخارفها (﴿فتعالين أمتعكن﴾) متعة الطلاق (﴿وأسرحكن سراحًا جميلًا)﴾ [الأحزاب: ٢٨] أطلقكنّ طلاق السنة من غير إضرار، وفي قوله: (﴿فتعالين أمتعكن وأسرحكن﴾) إشعار بأنها لو اختارت واحدة الفراق لا يكون طلاقًا. وقوله: ﴿أمتعكن وأسرحكن﴾ جزم جواب الشرط وما بين الشرط وجزائه معترض ولا يضر دخول الفاء جملة الاعتراض أو الجواب قوله: "فتعالين" و"أمتعكن" جواب لهذا الأمر، وسقط لأبي ذر: وأسرحكن الخ وقال بعد أمتعكن الآية.
(وقال معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة بينهما ابن المثنى أبو عبد الله التيمي مولاهم البصري النحوي. وقال الحافظ ابن حجر: وتوهم مغلطاي ومن قلده أنه معمر بن راشد فنسب هذا إلى تخريج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر ولا وجود لذلك في كتاب عبد الرزاق وإنما أخرج عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية قال: كانت المرأة تخرج تتمشى بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية اهـ.
وتعقبه العيني فقال: لم يقل مغلطاي ابن راشد وإنما قال: هذا رواه عبد الرزاق عن معمر ولم يقل أيضًا في تفسيره حتى يشنع عليه بأنه لم يوجد في تفسيره وعبد الرزاق له تآليف أخر غير تفسيره وحيث أطلق معمرًا يحتمل أحد المعمرين اهـ.
وأجاب الحافظ ابن حجر في كتابه الانتقاض فقال: هذا اعتذار واهٍ فإن عبد الرزاق لا رواية له عن معمر بن المثنى وتآليف عبد الرزاق ليس فيها شيء يشرح الألفاظ إلا التفسير، وهذا تفسيره موجود ليس فيه هذا اهـ. وسقط وقال معمر لغير أبي ذر.
(﴿التبرج﴾) في قوله تعالى: ﴿ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى﴾ [الأحزاب: ٣٣] هو (أن تخرج) المرأة (محاسنها) للرجال. وقال مجاهد وقتادة: التبرج التكسر والتغنج وقيل التبختر وتبرج الجاهلية مصدر تشبيهي أي مثل تبرج والجاهلية الأولى ما بين آدم ونوح أو الزمان الذي ولد فيه الخليل إبراهيم كانت المرأة تلبس درعًا من اللؤلؤ فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال أو ما بين نوح وإدريس وكانت ألف سنة والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ونبينا ﷺ وقيل الجاهلية الأولى الكفر قبل الإسلام والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق في الإسلام.
(﴿سنة الله﴾) في قوله تعالى: ﴿سنة الله في الذين خلوا من قبل﴾ [الأحزاب: ٣٨] أي (استنها جعلها) قاله أبو عبيدة وقال: جعلها سنّة اهـ.
والمعنى: أن سنة الله في الأنبياء الماضين أن لا يؤاخذهم بما أحل لهم. وقال الكلبي ومقاتل: أراد داود حين جمع بينه وبين تلك المرأة