سعيد) هو ابن أبي عروبة واللفظ لسعيد (عن قتادة عن أبي العالية) رفيع بضم الراء وفتح الفاء وبعد التحتية الساكنة مهملة الرياحي (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما يرويه عن ربه) تبارك وتعالى أنه (قال):
(لا ينبغي لعبد أن يقول إنه) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أن يقول أنا (خير من يونس بن متى) بفتح الميم والفوقية المشددة مقصورًا (ونسبه إلى أبيه) جملة حالية أي ليس لأحد أن يفضل نفسه على يونس أو ليس لأحد أن يفضلني عليه تفضيلاً يؤدي إلى تنقيصه لا سيما إن توهم ذلك من قصة الحوت، فإنها ليست حاطّة من مرتبته العلية صلوات الله وسلامه على جميعهم وزادهم شرفًا أو قاله تواضعًا أو قاله قبل علمه بسيادته على الجميع والدلائل متظاهرة على تفضيله عليهم.
والحديث سبق في سورة النساء والأنعام وليس فيه عن ربه ولا عن ربه وكذا في أحاديث الأنبياء عن حفص بن عمر بالسند المذكور. قال في الفتح: وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية عبد الرحمن بن مهدي ولم أر في شيء من الطرق عن شعبة فيه عن ربه ولا عن الله، وقال السفاقسي: ليس في أكثر الروايات يرويه عن ربه فإن كان محفوظًا فهو من سوى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
٧٥٤٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ قَالَ: فَرَجَّعَ فِيهَا قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِى قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: ءَاءَاءَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن أبي سريج) بالسين المهملة المضمومة آخره جيم هو أحمد بن الصباح أبو جعفر بن أبي سريج النهشلي الرازي قال: (أخبرنا شبابة) بالشين المعجمة وتخفيف الموحدة الأولى ابن سوار بفتح المهملة وتشديد الواو أبو عمرو الفزاري مولاهم قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن معاوية بن قرة) بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة المزني (عن عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الفاء المفتوحة، ولأبي ذر المغفل (المزني) -رضي الله عنه- أنه (قال: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح) بالشك من الراوي (قال: فرجع فيها) بتشديد الجيم أي ردّد صوته بالقراءة (قال) شعبة (ثم قرأ معاوية يحكي قراءة ابن مغفل، وقال) معاوية (لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع ابن مغفل يحكي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال ابن بطال فيه إن القراءة بالترجيع والإلحان تجمع نفوس الناس إلى الإصغاء إليه وتستميلها بذلك حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المشوب بلذة الحكمة المهيمنة قال شعبة (فقلت لمعاوية: فكيف كان ترجيعه؟ قال: ءاءاءا ثلاث مرات) بهمزة مفتوحة بعدها ألف وهو محمول على الإشباع في محله وسبقت مباحثه في فضائل القرآن، وفيه جواز القراءة بالترجيع والإلحان الملذذة للقلوب بحسن الصوت، ووجه دخول هذا الحديث في هذا الباب أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان أيضًا يروي القرآن عن ربه. وقال الكرماني: الراوية عن الرب أعمّ من أن تكون قرآنًا أو غيره بالواسطة أو بدونها لكن المتبادر إلى الذهن المتداول على الألسنة كان بغير الواسطة.
٥١ - باب مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ٩٣].
(باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله) عز وجل كالإنجيل (بـ) اللغة (العربية وغيرها) من اللغات (لقول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} [آل عمران: ٩٣]) ووجه الدلالة منها أن التوراة بالعبرانية وقد أمر الله أن تتلى على العرب وهم لا يعرفون العبرانية ففيه الإذن في التعبير عنها بالعربية.
٧٥٤١ - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا تَرْجُمَانَهُ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤] الآيَةَ.
(وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما-: (أخبرني) بالإفراد (أبو سفيان) صخر (بن حرب أن هرقل) ملك الروم قيصر (دعا ترجمانه) ولم يسم (ثم دعا بكتاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأه) فإذا فيه (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل: و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} [آل عمران: ٦٤] الآية) وجه الدلالة منه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتب إلى هرقل باللسان العربي ولسان هرقل رومي ففيه إشعار بأنه اعتمد في إبلاغه ما في الكتاب على من يترجم عنه بلسان المبعوث إليه ليفهمه والمترجم المذكور هو الترجمان.
والحديث سبق مطولاً في أول الصحيح.
٧٥٤٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ}» [البقرة: ١٣٦] الآيَةَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة