للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حيضها كان يوم القدوم إلى مكة. قالت: فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة قاله البدر. (فقالت) وللأصيلي وابن عساكر قالت: (يا رسول الله هذه ليلة عرفة) وفي بعض النسخ هذا ليلة عرفة. قال البدر أي هذا الوقت، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر والأصيلي يوم عرفة (وإنما كنت تمتعت بعمرة) أي وأنا حائض وفيه تصريح بما تضمنه التمتع لأنه إحرام بعمرة في أشهر الحج ممن على مسافة القصر من الحرم ثم يحج من سنته (فقال لها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انقضي رأسك) بضم القاف أي حلّي شعرك (وامتشطي وأمسكي) بهمزة قطع (عن عمرتك) أي اتركي العمل في العمرة وإتمامها، فليس المراد الخروج منها فإن الحج والعمرة لا يخرج منهما إلا بالتحلل وحينئذٍ فتكون قارنة، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: "يكفيك طوافك لحجك وعمرتك" ولا يلزم من نقض الرأس والامتشاط إبطالها لجوازهما عندنا حال الإحرام، لكن يكرهان خوف نتف الشعر، وقد حملوا فعلها ذلك على أنه كان برأسها أذى، وقيل: المراد أبطلي عمرتك، ويؤيده قولها في العمرة وأرجع

بحجة واحدة وقولها ترجع صواحبي بحج وعمرة وأرجع أنا بالحج، وقوله عليه الصلاة والسلام "هذه مكان عمرتك" قالت عائشة: (ففعلت) النقض والامتشاط والإمساك (فلما قضيت) أي أدّيت (الحج) بعد إحرامي به (أمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخي (عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه (ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين وفتح الموحدة التي نزلوا فيها بالمحصب موضع بين مكة ومنى يبيتون فيه إذا نفروا منها (فأعمرني) أي اعتمر بي (من التنعيم) موضع على فرسخ من مكة فيه مسجد عائشة (مكان عمرتي التي نسكت) من النسك أي التي أحرمت بها وأردت أوّلاً حصولها منفردة غير مندرجة ومنعني الحيض، وفي رواية أبي زيد المروزي أي سكت بلفظ التكلم من السكوت أي التي تركت أعمالها وسكت عنها، وللقابسي شكت بالشين المعجمة والتخفيف والضمير فيه راجع إلى عائشة على سبيل الالتفات من التكلم للغيبة أو المعنى شكت العمرة من الحيض وإطلاق الشكاية عليها كناية عن اختلالها وعدم بقاء استقلالها، وإنما أمرها بالعمرة بعد الفراغ وهي قد كانت حصلت لها مندرجة مع الحج لقصدها عمرة منفردة كما حصل لسائر أزواجه عليه الصلاة والسلام حيث اعتمرن بعد الفراغ من حجهنّ المفرد عمرة منفردة عن حجهن حرصًا منها على كثرة العبادة.

وتمام مباحث الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحج بعون الله وقوّته. ورواته الخمسة ما بين بصري ومدني وفيه التحديث والعنعنة.

١٦ - باب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ

(باب) حكم (نقض المرأة شعرها) أي شعر رأسها (عند غسل المحيض) هل هو واجب أم لا ولابن عساكر باب من رأى نقض المرأة الخ.

٣١٧ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ». فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ». فَفَعَلْتُ. حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي. قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا صَدَقَةٌ.

وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري بفتح الهاء وتشديد الموحدة الكوفي، المتوفى سنة خمسين ومائتين (قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن هشام) أي ابن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت):

(خرجنا) من المدينة مكملين ذا القعدة (موافين) وفي رواية موافقين (لهلال ذي الحجة) كذا شرحه بعضهم والأولى أن يكون معنى موافين مشرفين. يقال: أوفى على كذا إذا أشرف عليه ولا يلزم منه الدخول فيه. وقال النووي: أي مقاربين لاستهلاله لأن خروجه عليه الصلاة والسلام كان لخمس ليال بقين من ذي القعدة يوم السبت. (فقال) ولأبوي ذر والوقت قال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أحب أن يهلل) بلامين وللأصيلي وابن عساكر يهل بلام مشددة أي يحرم (بعمرة فليهلل) بعمرة (فإني لولا أني أهديت) أي سقت الهدي (لأهللت) كذا في رواية الحموي وكريمة ولأبوي الوقت وذر والأصيلي لأحللت (بعمرة) ليس فيه دلالة على أن التمتع أفضل من الإفراد لأنه عليه الصلاة والسلام، إنما قال ذلك لأجل فسخ الحج إلى العمرة الذي هو خاص بهم في تلك السنة المخالفة تحريم الجاهلية العمرة في أشهر الحج لا التمتع الذي فيه الخلاف وقاله ليطيب قلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>