زوجني (ثم قال) الولي: (زوجتكها فهو جائز) في الصور بالثلاث ولا يضر ذلك لاتحاد المجلس.
(فيه سهل عن النبي ﷺ) يعني في صفة الواهبة السابقة مرارًا، لكن في استخراج الحكم المذكور منها نظر لأنها واقعة عين يطرقها احتمال أن يكون قبل عقب الإيجاب، ومذهب الشافعية اشتراط القبول فورًا فلا يضر فصل يسير، فلو حمد الله الولي وصلى على النبي ﷺ وأوصى بتقوى الله، ثم قال: زوجتك فلانة فقال الزوج: الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وأوصى بتقوى الله ثم قبل النكاح صح، ولا يضر هذا الفصل لأن المتخلل مقدمة القبول فلا يقطع الموالاة بينهما والخطبة من الأجنبي كهي ممن ذكر فيحصل بها الاستحباب ويصح معها العقد فإن طال الذكر الفاصل بين الإيجاب والقبول أو تخلل بينهما كلام يسير أجنبي عن العقد لم يتعلق به ولم يستحب بطل العقد لإشعاره بالإعراض.
٥١٤٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ ﵂ قَالَ لَهَا: يَا أُمَّتَاهْ ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ -إِلَى- ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ صَدَاقِهَا فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ -إِلَى- ﴿وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ، أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَالصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ
النِّسَاءِ، قَالَتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم (وقال الليث) بن سعد الإمام فيما سبق موصولًا في باب الأكفاء في المال (حدَّثني) بالإفراد (عقيل) بضم العين مصغرًا (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أنه سأل عائشة ﵂ قال لها: يا أمتاه ﴿وإن﴾) بالواو ولأبي ذر فإن (﴿خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى﴾ -إلى- ﴿ما﴾) ولأبي ذر إلى قوله ما (﴿ملكت أيمانكم﴾ قالت عائشة: يا ابن أختي) أسماء بنت أبي بكر (هذه اليتيمة تكون في حجر وليها) زاد في التفسير تشركه في ماله (فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينتقص من) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي في (صداقها فنهوا) بضم النون والهاء (عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق) أسوة أمثالهن (وأمروا بنكاح من سواهن) من سوى اليتامى (من النساء قالت عائشة: استفتى) ولأبي ذر: فاستفتى (الناس رسول الله ﷺ بعد ذلك) أي بعد نزول آية ﴿وإن خفتم﴾ (فأنزل الله) تعالى: (﴿ويستفتونك في النساء﴾ -إلى- ﴿وترغبون﴾) ولأبي ذر إلى قوله: ﴿وترغبون﴾ (﴿أن تنكحوهن﴾) [النساء: ١٢٧] سقط أن تنكحوهن لغير أبي ذر (فأنزل الله لهم في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال رغبوا في نكاحها ونسبها والصداق) الذي هو غير صداق مثلها (وإذا كانت مرغوبًا عنها في قلة المال والجمال تركوها) فلم يتزوجوها (وأخذوا غيرها من النساء. قالت) عائشة: (فكما يتركونها) أي اليتيمة (حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق).
وهذا المتن لفظ رواية أبي شعيب وفيه دلالة على أن للولي غير الأب أن يزوج التي دون البلوغ بكرًا كانت أو ثيبًا لأن اليتيمة هي التي دون البلوغ ولا أب لها بكرًا كانت أو ثيبًا وقد أذن في نكاحها شرط أن لا يبخس من صداقها وقد اختلف في ذلك فقال أصحاب أبي حنيفة: يصح النكاح ولها الخيار إذا بلغت في فسخ النكاح وإجازته. وقال الشافعي: باطل لأن النبي ﷺ قال: "اليتيمة تستأمر" واليتيمة كما مر اسم للصغيرة التي لا أب لها وهي قبل البلوغ لا عبرة بإذنها وكأنه ﷺ شرط بلوغها فمعناه لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر، وعند الترمذي وقال: حسن صحيح لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن والله أعلم.
٤٤ - باب إِذَا قَالَ: الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلَانَةَ فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا وَكَذَا، جَازَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلزَّوْجِ أَرَضِيتَ أَوْ قَبِلْتَ
هذا (باب) بالتنوين (إذا قال الخاطب للولي: زوجني) موليتك (فلانة) وثبت قوله للولي لأبي ذر عن الكشميهني (فقال) للولي: (قد زوجتكـ) ـها (بكذا وكذا جاز النكاح وإن لم يقل للزوج
أرضيت أو قبلت) ويقبل هو ذلك وهذا مذهب الشافعية لوجود الاستدعاء الجازم، ولقوله في حديث الباب زوجنيها فقال: زوجتكها بما معك من القرآن ولم ينقل أته قال بعد ذلك قبلت نكاحها.
٥١٤١ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَ: «مَا لِي الْيَوْمَ فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا. قَالَ: «مَا عِنْدَكَ»؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ». قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: «فَمَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا قَالَ: «فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد عن أبي حازم) سلمة بن دينار (عن سهل) الساعدي ولأبي ذر زيادة ابن سعد