أن تكون كلمة الله هي العليا (هل ينقص من أجره؟) ظاهر صنيع المؤلّف لا واحتج له ابن المنير بأن قصد الغنيمة لا يكون منافيًا للأجر ولا منقصًا له إذا قصد معه إعلاء كلمة الله لأن السبب لا يستلزم الحصر ولو كان قصد المغنم ينافي قصد أن تكون كلمة الله هي العليا لما كان الجواب من الشارع عامًّا حيث قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ولكان الجواب المطابق أن يقال: من قاتل للمغنم فليس في سبيل الله نعم الظاهر أنه ينقص، لكنه كما قال في الفتح أنه نقص نسبي فليس من قصد إعلاء كلمة الله محضًا في الأجر مثل من ضم إلى هذا القصد قصدًا آخر من غنيمة أو غيرها. وقال العيني ليس له
أجر فضلاً عن النقصان لأن المجاهد هو الذي يجاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله والظاهر أنه أراد من قاتل للمغنم فقط من غير قصد لإعلاء كلمة الله.
٣١٢٦ - حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ ﵁ قَالَ: "قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ ﷺ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهْوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
وبه قاله: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة المفتوحة والمعجمة المشددة قال: (حدّثنا غندر) هو لقب محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عمرو) بفتح العين ابن مرة أنه (قال: سمعت أبا وائل) شقيق بن سلمة (قال: حدّثنا أبو موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري ﵁ قال: قال أعرابي) هو لاحق بن ضمرة الباهلي (للنبي ﷺ: الرجل يقاتل للمغنم) أي لأجل الغنيمة (والرجل يقاتل ليذكر) بضم الياء مبنيًّا للمفعول أي لأجل أن يذكر بالشجاعة عند الناس (ويقاتل ليرى) بضم الياء للمفعول أي لأجل أن يرى (مكانه) بالرفع نائبًا عن الفاعل أي مرتبته في الشجاعة (من) ولابن عساكر: فمن (في سبيل الله؟ فقال) ﵊:
(من قاتل لتكون كلمة الله) أي كلمة توحيده (هي العليا) بضم العين (فهو) المقاتل (في سبيل الله) وإن قصد مع ذلك الغنيمة كما سبق، أما لو قصد الغنيمة فقط فليس في سبيل الله فلا أجر له البتة على ما لا يخفى قال ابن المنير: فكيف ترجم له بنقص الأجر وجوابه أن مراده مع قصد الإعلاء كما ذكرته فتأمله.
١١ - باب قِسْمَةِ الإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ
(باب قسمة الإمام ما يقدم عليه) من هدايا أهل الحرب بين أصحابه وقوله يقدم بفتح الدال (ويخبأ) بفتح التحتية والموحدة (لمن لم يحضره) في مجلس القسمة (أو غاب عنه) ليس غير بلد القسمة.
٣١٢٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: ادْعُهُ لِي، فَسَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ صَوْتَهُ فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شيء". وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ
وقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بن مخرمة "قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَقْبِيَةٌ". تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن الوهاب) الحجبي البصري قال: (حدّثنا حماد بن زيد) اسم جده درهم (عن أيوب) السختياني (عن عبد الله بن أبي مليكة) التيمي الأحول القاضي التابعي (أن النبي ﷺ) وهذا مرسل لكن وقع في رواية الأصيلي كما في الفتح عن ابن أبي مليكة عن المسور قال الحافظ ابن حجر وهو وهم والمعتمد الأول (أهديت له أقبية) جمع قباء (من ديباج مزررة بالذهب) من زررت القميص إذا اتخذت له أزرارًا ولأبي ذر عن المستملي مزردة بالدال المهملة بدل الراء الأخيرة من الزرد وهو تداخل حلق الدروع بعضها في بعض (فقسمها) ﵊ (في أناس من أصحابه وعزل منها واحدًا لمخرمة بن نوفل) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (فجاء) أي مخرمة (ومعه ابنه المسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو (فقام على الباب) النبوي (فقال) لابنه المسور (ادعه لي) أي عرفه ﵊ أني حضرت وفي رواية قال المسور فأعظمت ذلك فقال: يا بني إنه ليس بجبار (فسمع النبي ﷺ صوته) أي صوت مخرمة (فأخذ قباء فتلقاه به) أي بذلك القباء (واستقبله بأزراره) الذهب ليريه محاسنه ليرضيه (فقال):
(يا أبا المسور خبأت هذا لك، يا أبا المسور خبأت هذا لك) مرتين (وكان في خلقه) أي مخرمة (شدة) ولأبي ذر عن الكشميهني شيء فلاطفه النبي ﷺ بما فعله معه وكان بالمؤمنين رحيمًا.
(ورواه) أي هذا الحديث ولأبي ذر رواه (ابن علية) إسماعيل واسم أبيه إبراهيم الأسدي البصري مما وصله في الأدب (عن أيوب) السختياني أي مرسلاً مثل الرواية الأولى (قال) ولأبي ذر: وقال (حاتم بن وردان) مما وصله في باب شهادة الأعمى (حدّثنا أيوب) السختياني