اسمه (فقال) يا رسول الله. (أكلت الحمر) بضم الهمزة وكسر تاليها (ثم جاءه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (جاء) لم يعرف اسمه أيضًا (فقال) يا رسول الله (أكلت الحمر، ثم جاءه جاء) لم يعرف اسمه أيضًا (فقال: أفنيت الحمر) بضم الهمزة وسكون الفاء لكثرة ما ذبح منها، ويحتمل كما في الفتح أن يكون الجائي في الثلاثة واحد، فإنه قال أوّلًا أُكلت، فإما أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن سمعه أو لم يؤمر في ذلك بشيء؛ وكذا في الثانية، فلما قال في الثالثة أُفنيت جاء الوحي بالتحريم (فأمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (مناديًا) ينادي به (فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس) نجس فالتحريم لعينها لا لسبب خارجي والمنادي أبو طلحة كما في مسلم أو عبد الرحمن بن عوف كما سبق في رواية النسائي، ويحتمل أن يكون الأول نادى بالنهي مطلقًا، والثاني زاد عليه
أنها رجس. (فأكفئت) بهمزة مضمومة فكاف ساكنة ففاء مكسورة فهمزة مفتوحة، ولأبي ذر عن الكشميهني: فكفئت (القدور) بإسقاط الهمزة قلبت (وإنها لتفور) لتغلي (باللحم).
وهذا الحديث سبق في غزوة خيبر.
٥٥٢٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ. وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) بن جعفر بن المديني الحافظ قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (قال عمرو) هو ابن دينار (قلت لجابر بن زيد): أبي الشعثاء البصري (يزعمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي يقولون (نهى عن) أكل (حمر الأهلية) من إضافة الموصوف إلى صفته (فقال: قد كان يقول ذاك الحكم بن عمرو) بفتح الحاء المهملة والكاف وعمرو بفتح العين (الغفاري) الصحابي (عندنا بالبصرة ولكن أبى) منع (ذاك) ولأبي ذر عن الكشميهني ذلك باللام (البحر) في العلم (ابن عباس) -رضي الله عنهما- (وقرأ) مستدلاًّ للحل قوله تعالى: ({قل لا أجد فيما أوحي إلي}) طعامًا ({محرمًا}) [الأنعام: ١٤٥] الآية. مقتصرًا على ما ذكر فيها، والأكثرون على عدم التخصيص بما ذكر فيها فالمحرّم بنص الكتاب ما فيها، وقد حرمت السُّنّة أشياء غيرها كما تواردت الأخبار بذلك والتنصيص على التحريم مقدّم على عموم التحليل وعلى القياس وما لم يأت فيه نص يرجع فيه إلى الأغلب من عادة العرب، فما يأكله الأغلب منهم فهو حلال وما لا فهو حرام لأن الله تعالى خاطبهم بقوله: {قل أحل لكم الطيبات} [المائدة: ٤] فما استطابوه من حلال، وقوله: {قل لا أجد فيما أوحي إليّ} أي في ذلك الوقت أو في وحي القرآن، وفيه أن التحريم إنما يثبت بوحي الله وشرعه لا بهوى النفس.
٢٩ - باب أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
(باب) تحريم (أكل كل ذي ناب من السباع) يعدو به ويتقوّى كأسد ونمر وذئب ودب وفيل وقرد ومخلب من الطير كباز وشاهين وصقر ونسر.
٥٥٣٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) الدمشقي ثم التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي إدريس) عائذ الله (الخولاني عن أبي ثعلبة) جرثوم الخشني (-رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى) نهي تحريم (عن أكل كل ذي ناب من السباع) يتقوى به
ويصول على غيره ويصطاد ويعدو بطبعه غالبًا (تابعه) أي تابع مالكًا (يونس) بن يزيد الأيلي (ومعمر) هو ابن راشد (وابن عيينة) سفيان (والماجشون) أربعتهم (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب، ومتابعة ابن عيينة وصلها المؤلّف في آخر الطب والثلاثة سبق ذكرهم في الباب السابق والنهي للتحريم، ولمسلم: كل ذي ناب من السباع أكله حرام، وله أيضًا عن ابن عباس: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير والمخلب بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام بعدها موحدة وهو للطير كالظفر لغيره لكنه أشد منه وأغلظ واحد فهو له كالناب للسبع.
٣٠ - باب جُلُودِ الْمَيْتَةِ
(باب) حكم (جلود الميتة) قبل أن تدبغ.
٥٥٣١ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ: «هَلَاّ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا»؟ قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا».
وبه قال: (حدّثنا زهير بن حرب) أبو خيثمة النسائي والد أبي بكر بن أبي خيثمة قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) قال: (حدّثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان أنه قال: (حدّثني)